بيْن غفْوةٍ و صداها..
المدائن نيوز: فاطمة سعد الله
اسْتيْقظتُ بعْد غفْوةٍ حَمَلتْني على جناحِ
السّهْوِ..رأيْتُني نخْلةً في
حديقةِ بيْتٍ مجاورٍ..
أنا هنا..
أراني هناك..
أرْقُبُني..
أراني أمشّطُ جدائلَ الذّهولِ..
ورأيْتُها تُلْقِمُ صغيرَتَها ثَدْيَ الشموخ،كانتْ
أناملُها الطويلةُ تنْسابُ نُورًا ..
تقْطُرُ عسلًا مصفّى..
أمّا عيْنايَ فكانتا نافذتيْن مفْتوحتيْن تصْفقُ
مصْراعيْهما ريحٌ جنوبيّةٌ حارّة..
مدّتْ يديْها تدعوني إليْها..
حاولْتُ تسلُّقَ جدارَ الحديقة دون جدْوى..
كان زئبقيًّا..
حاولْتُ تسوُّرَه مرارًا..لكنَّ يدَيَّ..
في كل مرّةٍ تتحوّلانِ جدْوَلَ غيْمةٍ زرْقاءَ
تُغْرِقُ محاولاتي..
أنْثى النورِ التي تسْكُنُني ترْفُضُ الاسْتسْلامَ..
تشاكسُ الفراغَ الأخطبوطي الذي ينسجُ متاهةً
عنكبوتيّةً حولي ..
سورٌ عازلٌ يرْتفع جليديًّا..
حديقةُ الأجوارِ تقهْقِهُ..أصواتُها الأورْكستراليّة..
تتخلّلُ أعالي الشجرِ وامتدادَ الجداول ..
الأشْجارُ ترْقصُ دبْكةً شرْقيّة ...
والنخْلةُ..هناك ترْمقني..
لم تُخْفِ ابْتسامةً شفّافةً ترقْرقت على شفاه
تمْرها النّوْراني وانسكبَتْ " شراباً فيه شفاء للناسِ ولذّةٌ للشاربين"..
تلك النخلةُ غمزتْني بومضةٍ كحلْمٍ..
كزقْزقةِ عصافيرَ عابرةٍ للغيابِ..
اخْترقتْني..
دغْدغت فيَّ حبَّ الانتصار عليَّ..
على الجدار والحديقة والأجوار..
وعليْها ..
قالتْ وهيَ تتسلّلُ من شُقوقِ القيْدِ الحائلِ
بيْننا: يا أنْتِ ..
يا أنايَ..
لِمَ تغْرقين في موْجِ الكلماتِ الغجريّةِ؟..
لِمَ تُصرّين على فكِّ أزْرارِ المسْتحيلِ وأنا/أنْتِ
هناك/ هنا..
لا تستطيعين مُضيّا ولا رجوعاً؟
رفّتْ شفتايَ لتنْبُسا بحبّةِ قوْلٍ أو ذرّةِ
فَرَحٍ..
فانْهالَ منْهما رذاذٌ زجاجيٌّ مالحٌ..
غطّى منْعرجاتِ المساء نوارسَ صمْتٍ وأشْرعةً
مُمزّقةً..
ظلَلْتُ في مكاني والنخْلةُ تلْبَسُني رداءَ
حُلْمٍ...