الآنسة (بريل) (1920) قصة قصيرة للكاتبة Katherine Mansfield ترجمة للعربية
الآنسة (بريل) (1920) قصة قصيرة ترجمة للعربية \ اسماء عادل ابراهيم و فاطمه سعيد عباس\ جامعة البصرة
على الرغم من ان
الضوء كان ساطعاً للغاية، السماء الزرقاء مرشوشة بالذهب والرقعة الرائعة من الضوء
مثل النبيذ الأبيض المنثورعلى جاردنز بوبليغوز، الانسه بريل كانت سعيدة لقرارها بشأن
ارتداء فروها. الهواء كان ساكناً، لكن عندما تفتح فمك كانَ هنالك برداً خفيفاً
فحسب، مثل برودة كاس من الماء المثلج قبل أن ترتشف منه، والان ومجدداً تاتي ورق
الأشجارتنجرف من لا مكان من السماء.
رفعت الانسه بريل
يدها ولمست فروها. عزيزي أيُّها الشيء الضغير! انهو لمن الرائع ان اشعر به مجددا.
اخرجتهُ من صندوقه ظهر ذلك اليوم، نفضت عنه
المسحوق المضاد لعثة الملابس، اعطته ملمس جيد بالفرشاة، وأرجعت الحياة مرتاً أخرى
في العيون الصغيره الخافته. "ماذا حدث لي؟" قالت العيون الصغيره
الحزينة. اوه، كم كان من اللطيف ان نراهم
مرتاً أخرى من الزغب الأحمر! ... لكن الانف، الذي كان فيه بعض المكونات
السوداء، لم يكون ثابت على الاطلاق.
لا بد أنه تعرض
لضربة. يجب أن يعطى طرقة بطريقة ما. لا يهم .... حينما يأتي الوقت فإن قليلا من
الشمع الأسود يوضع عليه كختم، فقط عندما يكون ضروريا.
أيها الحرون
الصغير!
نعم، هذا ماشعرت
به حقاً نحوه.
وكأن فروها مثل
فرس حرون صغير يعبث بذيلهِ عند اذنها اليسرى. كان بإمكانها خلعهُ ووضعه في حضنها
والتمسيد عليه. شعرت بوخز في يديها وذراعيها، ضنت ان هذا جاء من المشي، على ما
افترضته. وعندما استنشقت بعض الهواء، شيئاً مُضيئاً وحزيناً .... لا ... ليس حزينا
ًبالضبط، شيئًا ما لطيفًا يتحرك في صدرها.
كان هناك كثيراً
من الناس في الخرج ظهرَهذا اليوم، أكثر بكثير من الأحد الماضي.
وكانت الفرقة
أعلى صوتاً وأكثر بهجة.
ذلك لأن الموسم
قد بدأ. على الرغم من أن الفرقة كانت تعزف طوال العام في أيام الأحد، ولكن في غير
الموسم فالعزفَ مُختَلِف. كانت الفرقة مثل شخص يعزف مع العائلة فقط للاستماع؛ لا
يهمها كيف يكون العزف إذا لم يكن هناك أي غرباء. ألم يكن القائد الفرقة يرتدي
معطفا جديدا أيضا؟
كانت متأكدة من أنهُ كان جديدا ً. كشط بقدمه
ورفرفَ بذراعيه أشبه بديك يوشك ان يصيح، وأعضاء الفرقة جالسون فوق تلك المنصة
الخطراء المستديره ينفخونَ في الآلات المسيقية فتمتلئ خدودكم ووجناتهم. الآن جاء
دور العزف على الة "الفلوت"، عُزِفت مقطوعة صغيرة، جميلة جداً! - سلسلة
صغيرة من النغمات الصافية. كانت متأكدة من أنها ستتكرر. حصل هذا بالفعل؛ رفعت
رأسها وابتسمت.
شاركاها شخصان
فقط مقعدها "الخاص": رجل عجوز ناعم يرتدي معطفًا من المخمل، ومشبك يديه
على عصا مشي كبيرة منحوتة، وامرأة كبيرة في السن، جلست منتصبة القامة، مع لفة صوف
على مريلتها المطرزة. لم يتكلما. كان هذا مخيبا للآمال، لأن الآنسة بريل كانت
تتطلع دائما إلى المحادثة.
أنها قدأصبحت
خبيرة تماماً ، في استراق السمع بالشكل
الذي تضهر فيه لا تفعل ذلك، انها تسمع لحياة الآخرين فقط من خلال اللحظات القليلة
وهم يتحدثون حولها.
اختلست
النظربشكل خاطف، في الجانبين ، على الزوجين العجوزين. ربما سيغادران قريبا. الأحد
الماضي أيضا لم يكن مثيرا للاهتمام . رجل
إنجليزي وزوجته ، كان يرتدي قبعة بنما المروعة وهي ترتدي حذاء له أزرار.
وقد كانت تحاول طوال الوقت عن كيفية ارتداء النظارات ؛ عرفت أنها بحاجة إليها ؛
ولكن لم يكن من الجيد الحصول على أي منها. لاعتقادها أنها سوف تنكسر ولن
تسطيع الحفاظ عليها. وكان الزوج صبوراً
جداً. كان قد اقترح كل شيء - حواف ذهبية، النوع الذي ينحني حول اذنيك ، لبادة
خفيفه داخل جسر النظارة الذي يوضع على الانف.
لا لاشيء يعجبها .
" ستنزلق من على أنفي دائمًا! الانسه
بريل اوشكت على ان توبخها.
كبار السن جلسو على مقاعد البدلاء ، لا
يزالون كتماثيل. لا يهم ، كان هناك دوماً اخرون
لمراقبتهم. ذهابًا وإيابًا ، في مقدمةاحواض الزهور و منصة الفرقة. الأزواج والمجموعات استعرضت ، يتوقفون للحديث ، للترحيب ، لشراء
حفنة من الزهور من المتسول العجوز الذي
ثبت سلة الزهور على السور. ركض أطفال صغار بينهم ، ياكلون ويضحكون ؛
الأولاد الصغار يرتدون اشرطة حرير بيضاء كبيرة تحت ذقونهم ، الفتيات الصغيرات ،
كالدمى الفرنسية الصغيرة ، يرتدون المخمل والدانتيل. ظهر طفل متدلي يتأرجح فجأة في
العراء من تحت الأشجار ، يتوقف، يحدق ، وسرعان ما يرتطم بالأرض وضل مطروحاً هناك،
حتى هرعت امه الشابة بخطى سريعة الى
نجدتة ، كالدجاجة التي تلاحق صغارها .
أشخاص آخرون جلسوا على المقاعد
والكراسي الخضراء ، لكنهم كانوا دائمًا على حالهم تقريبًا ، الأحد بعد الأحد .
الآنسة بريل قد لاحظت غالبًا - كان هناك قاسماً مشتركًا يجمع بينهم ، شيء ما مضحك يتعلق
بمعضمهم . كانو غرباء ، صامتون ،وقدماء تقريبًا ، ومن الطريقة التي نظروا بها
، بدوا وكأنهم أتوا للتو من غرف صغيرة
مظلمة أو حتى خزائن!
خلف ا الأشجار النحيلة المستديرة ذات
الأوراق الصفراء المتدلية ، ومن خلال تلك الأشجار يظهر خط من البحر ، وما وراء
السماء الزرقاء مع السحب المتشحة بالذهب.
تم تم تيدل ام ! تم تم تيدل ام تم تا
!
هذا ما عزفته الفرقة.
جاءت فتاتان شابتان ترتديان الأحمر
والتقى بهما جنديان شابان في لباس أزرق ،
ضحكوا و اشبك كل واحد منهما بيد فتاة ومضوا متشابكي الايدي. مرت امرأتان فلاحتان
مضحكتان بقبعات قش ، برزانة ، تقودان
حمارين جميلين بلوني الدخان.
راهبة وقورة شاحبة الوجة
مرت بسرعة .
جاءت امرأة جميلة و سقطت منها باقة
البنفسج ، وركض صبي صغير ليلتقطها لها ، وأخذتها ورمتها كما لو كانت مسمومة.
يا إلهي ! الآنسة بريل لم تعرف ما إذا كانت يجيب ان تعجب
بذلك أم لا! والآن امرأة ترتدي قبعة من
فراء والرجل يرتدي ملابس باللون الرمادي يتقابلان أمامها مباشرةً . كان طويلًا
وقوراً ويملئهُ الكبرياء ، وكانت ترتدي
القبعة التي اشترتها عندما كان شعرها أصفر. الآن كل ما فيها ، شعرها ، وجهها ، حتى عينيها ، كانوا بنفس لون
الفراء الباهت ، وكانت يدها ، في قفازها
النظيف ، والتي رفعت لتربت على شفتيها المصفرة . أوه ، كانت سعيدة للغاية لرؤيته –
مبتهجه! كانت شبة متأكدة أنها ستلتقي به ظهر ذلك اليوم. وصفت الاماكن التي سافرت
اليها ، هنا ، هناك، عبر البحار.
كان اليوم ساحرًا جدًا – ألا يعتقد
ذالك؟
ربما؟ ... لكنه هز رأسه ، وأضرم سيجارة
، وأخذ نفسا عميقا ، ونفثه في وجهها ، وحتى عندما كانت مستمره تتحدث وتضحك ، رمى
عود الثقاب بعيداً ومضى .
والان ذات قبعة الفراء وحيدة .
ابتسمت أكثر مرحاً من أي وقت مضى. ولكن
حتى الفرقة بدت وكأنها تعرف ما كانت تشعر به وعزفت بهدوء و ولطف اكثر، ودق الطبل ،
در م ! درم !" مرارا و تكرارا. ماذا
ستفعل؟ ماذا سيحدث الآن؟
وبينما الانسه بريل تتساءل ، عادت
المراة ذات قبعة الفراء ورفعت يدها كما لو أنها رأت شخصًا آخر ، أجمل بكثير ، هناك
فقط ، وتشتت. وعادت الفرقة مرة أخرى
وعزفت بسرعة أكبر ، وأكثر ابتهاجًا من أي
وقت مضى .
وقام الزوجان العجوزان عن مقعد الآنسة
بريل وساروا بعيدًا ، وكم هو مضحك هذا الرجل العجوز مع شوارب طويلة والذي كان
يتمايل طوال الوقت مع االموسيقى حتى كاد يصتدم مع أربع فتيات تمشي على مقربة ٍمنه
.
أوه ، كم كان ذلك رائعا ً! كم استمتعت
به! كم كانت تحب الجلوس هنا ، ومشاهدة كل شيء ! اشبة بمسرحية. كانت بالضبط مثل مسرحية. من يصدق أن
السماء في الخلف لم تُرسم؟
حتى أتى كلب صغير بني يهرول بسرعة ثم
يهرول ببطء ، مثل كلب "مسرح" صغير ، كلب صغير تم تخديره ، الانسة بريل
اكتشفت ماهو الذي
جعل كل ذلك مثيرًا للغاية .
كانو جميعاًعلى المسرح . لم يكونوا فقط
الجمهور ويشاهدون فحسب، بل كانو ايضاً يمثلون.
حتى هي كان لديها دور تؤديه وتاتي كل
يوم أحد. بلا شك أن شخصا ما كان سيلاحظ لو
لم تكن هناك؛ كانت جزء من المشهد رغم كل
شيء.
كم هو غريب أنها لم تفكر في ذلك من
قبل! رغم ان كل ذالك يفسر حرصها على انطلاقها من منزلها في الوقت ذاته كل أسبوع
.... كما لو كانت لا تريد ان تتأخر عن الأداء.
ذالك ايظاً يفسر شعورها بالغرابة
والخجل عندما تخبر تلاميذها في مادة اللغه الإنكليزية كيف تمضي ظهر أيام الأحد.
لا عجب! ضحكت الآنسة بريل بصوت عال
تقريبا . كانت على المسرح.
فكرت في الرجل العجوز المقعد الذي كانت
تقرأ له الصحيفة اربع مرات في الظهيرة أسبوعياً
بينما كان نائماً في الحديقة. لقد اعتادت تماماً على الرأس الضعيف على وسادة القطن
والعيون المجوفة والفم المفتوح والأنف الضعيف العالي. إذا كان قد مات لربما لم
تلاحظه لأسابيع ؛ لم تكن لتفكر.
لكن فجأة تذكر ان هناك صحيفة تقرأ من
قبل ممثلة! "ممثلة!" ألتفت الرأس العجوز؛ ونقطتان من الضوء تترنح في
العيون الكهله. "ألستِ ممثلة ؟" والآنسة بريل كانت تتلمس الصحيفة كما لو
كانت مخطوطة دورها وقالت بلطف ؛ "نعم
، انني ممثلة منذ زمن طويل."
كانت الفرقة تستريح. الآن بدأوا مرة
أخرى. وما عزفوا كان حنوناً ومشرقاً،
ولكن كان فيه شيء مثل قشعريرة،
شيء ما ، ما كان؟ ..... ليس حزنًا
...لا ، ليس حزنًا ... شيء ما يجعلك ترغب في الغناء. إارتفع اللحن، إرتفع اكثر،
لمع الضوء ؛ وبدا للآنسة بريل أنهُ في
لحظةٍ ما سيبدأ الجميع في الغناء. الشباب ، الضاحكون الذين كانو
يتحركون معا سيبدأون كلهم بلا استثناء، وستنضم إليهم أصوات الرجال ،
الحازمة والشجاعة. ستنضم اليهم.، هي ايظاً، والآخرون على المقاعد - سيأتون مع نوع
من المرافقة - شيء منخفض ، بالكاد يرتفع أو يسقط ، شيء ما جميل للغاية - يتحرك ...
وبدت عينا الآنسة بريل مليئة بالدموع و مبتسمة لجميع الأعضاء الآخرين في الفرقة.
نعم ، لقد فهمنا ، فهمنا ، فكرت – على الرغم من انهم فهموا وهي لا تعرف شيئاً .
في
تلك اللحظة ، شاب وفتاة جاءا وجلسا حيث
كان الزوجان العجوزان جالسين. كانا يرتديان ملابس جميلة. كانا عشيقين .بالطبع
، البطل والبطلة وصلا توا على يخت والده. الآنسة بريل تغني بلا صوت،
ومازالت مع ابتسامة مدهشة ، الانسة بريل مستعدة للاستماع.
قالت الفتاة "لا ، ليس الآن".
"ليس هنا ، لا أستطيع."
سأل
الشاب،
"ولكن
لماذا؟ أبسبب هذا الشيء القديم الغبي في النهاية هناك؟" .
"لماذا تأتي إلى هنا وحيدة تماماً - من
يريدها؟ لماذا لا تحتفظ بخلقتها السخيف في
المنزل؟"
ضحكت
الفتاة: "كم هو مضحك معطف الفراء الذي ترتديه ". "إنها بالضبط مثل
البياض المقلي."
"آه ، دعكي منها!" قال الشاب في همسة
غاضبة.
ثم: "قولي لي يا حبيبتي أتسمحين لي ...."
-
قالت الفتاة "لا ، ليس هنا". "ليس بعد."
في
طريقها إلى المنزل ، كانت تشتري عادةً شريحة من كعكة العسل من الخباز. كانت
تجد في ذالك متعة كل يوم أحد. في بعض الأحيان كان هناك لوز في شريحتها ، وأحيانًا
لا. إنّه يحدث فرقا كبيرا إذا كان هناك
لوزًا ، فهذا أشبه بحمل هدية صغيرة إلى المنزل - مفاجأة - شيء ربما لم يكن موجودًا
هناك. كانت تسرع في أيام الاحاد اذا وجت في قطعتها حبة اللوز وتقدح عود الثقاب لتعد ابريق الشاي بسرعة.
ولكن اليوم تجاوزت المخبز دوم ان تتوقف
، صعدت الدرج ، ودخلت إلى الغرفة المظلمة الصغيرة - غرفتها التي تشبة الخزانة -
وجلست على الفراش المحشو بالزغب . جلست هناك لفترة طويلة. الصندوق الذي أخرجت منه
الفرو كان على السرير. قامت بفتح العنق بسرعة ؛ بسرعة ، دون النظر ، وضعته في
الداخل. ولكن عندما وضعت المعطف ظنت أنها سمعت شيئًا يبكي.