في الشدائد يظهر معدن الرجال
بقلم: عباس قاسم المرياني
لطالما مر العراق بشدائد ونوائب كادت تعصف بهِ وبشعبهِ، وحقيقة تاريخية يجب ان تذكر ان بلد كالعراق يزداد شعبه قوةً وصلابةً عند الشدائد فلا ينهار ، ولا يتكاسل، بل يقف بقوة واقدام، والامثلة على ذلك كثيرة سواء في العصور القديمة، او الوسيطة، او الحديثة والمعاصرة.
والبصرة ام العراق وثغرهِ الباسم هذه المدينة الجبارة التي تعرضت لويلات كثيرة، الا انها في كل ذلك تزداد قوة ورسوخ، فلا تكل او تمل، عانت ما عانت من دمار الحرب العراقية الايرانية وكانت مسرحاً للقتال، لكنها نفضت ترابها واحتضنت ابنائها واعادت بريق مجدها، ثم نالها ما نالها من جوع والم الحصار الجائر الذي فرضته قوى الشر والذي كان ضحيته الشعب لا السلطة الحاكمة، ورغم ذلك بقيت البصرة شامخة، وبعد عام ٢٠٠٣ تركت فريسة للعصابات من القتلة والمجرمين، لكنها صبرت بصمودها المعهود، واليوم في ظل اشرس هجمة تتعرض لها من وباء كورونا الذي لا يرحم، كل ذلك ويظهر في البصرة رجالات بطولة ونوارس خير فدت نفسها من اجل العراق والبصرة.
ففي ظل تفشي هذا الوباء الفتاك كان لكوادرها العلمية والاكاديمية سواء في جامعة البصرة او دائرة صحة البصرة التضحية والايثار الرائع الذي سيسجله التاريخ بأحرف من ذهب، فقامت هذه الثلة بتصنيع مادة الوسط الناقل الذي اسهم بشكل كبير في معرفة واكتشاف هذا الوباء وتحليله، وغذت بهِ كل محافظات العراق التي كادت تخلو منه ولا زالت تصنعه، والانجاز الامثل الذي توصلت له هذه النوارس الرحمانية هو اكتشاف علاج بلازما الدم الذي يعد من اهم الاكتشافات والانجازات التي ساهمت في تقليل حالات الاصابة والوفيات، وتأتي البصرة في المرتبة الثالثة من بين الدول التي استخدمت هذه الطريقة المثلى في العلاج.
واليوم يطل علينا اكتشاف جديد لهذه الكوادر البطلة حيث توصلت كوادر جامعة البصرة الى علاج، او طريقة تقضي على هذا الفايروس القاتل في الفم قبل وصولهِ الى الرئة وهي اصعب مراحلهُ، ليسهموا في دعم جهود اخوانهم ويحموا اهلهم وشعبهم من هذا الوباء.
لذلك اعيد واكرر هذا ليس بجديد على ابناء هذه المدينة المعطاة، فهي قدمت ابطال وشهداء سابقاً، واليوم تقدم نوارس خير وسلام للبشرية، واستمح عذراً لعدم ذكر الاسماء لئلا يحسب المقال لجهة دون غيرها، فالبصرة معطاة من صغيرها الى كبيرها وهذه الجهود والانجازات لم تأتي بجهد فردي بالتأكيد، بل كانت جهود مشتركة، واشراف مميز، وقيادة حكيمة، وتحفيز كبير لكي تصل الى ما وصلت اليه من الانجاز والتميز.
والرحمة والغفران على ارواح الابطال الذين وهبوها من اجلنا، فأنتم جند الله في ارضه.