• اخر الاخبار

    بلاد ما بين النهرين \ ترجمه للعربية \ زهراء حسين نعمه \ جامعة البصرة


    بلاد ما بين النهرين


    قصة الكتابة و الفلك و القانون، قصة حضارة العالم أجمع بدأت من دولة واحدة ، ليست مصر و لا الروم و لا حتى الإغريق!
    تاريخ الحضارة بدء في بلاد ما بين النهرين.
    تقع بلاد ما بين النهرين بين نهري دجلة و الفرات و لذلك تتميز بتربة خصبة للغاية، لمدة خمسة آلاف سنة تَبنّى هذا القطاع الصغير من الأراضي الخصبة المتمثلة الآن في العراق و الكويت  و سوريا الابتكارات التي غيرت العالم للأبد.
    إتصفت بلاد ما بين النهرين و لما يقارب اثنتي عشرة ألف سنة بالطقس المعتدل و الموارد الغنية و وفرة المياه العذبة و هذا ما جعل أراضيها مكاناً مناسباً للزراعة و الإزدهار .
    قبل ستة آلاف سنة و على ما يبدو بين عشية و ضحاها ازدهرت هذه المستوطنات الزراعية مكونة المدن الأولى في العالم ( أور و أورك و بابليون و أكد)، و في المدة بين أربعة آلاف و ثلاثة آلاف و مئة سنة قبل الميلاد تشكلت في بلاد ما بين النهرين مجموعة من المدن الجديدة التي بدأت بمنافسة المدن القديمة و هي اشور و نمرود و نينوى . في مرحلة ما توحدوا تحت مسمى إمبراطورية الأكديين و من بعدها انفصلوا مكونين امبراطوريتين و هي الآشورية و البابلية. على الرغم من الصراعات المستمرة بين المدن و لكن لم تتوقف الاختراعات و التطورات في بلاد ما بين النهرين فقاموا بتشييد مباني ضخمة للغاية كالقصور و الزقورات ، و اتخذوا من معابد الماموث مكانا لممارسة طقوسهم الدينية لكي تقربهم من الآلهة. و أيضا عززوا الرياضيات المتطورة و ابتكروا قاعدة نظام الستين و التي استفادوا منها في نظام الستين ثانية مكونة الدقيقة و الستين دقيقة مكونة الساعة و زاوية ٣٦٠° درجة الدائرية . البابليون استخدموا أيضا نظامهم المتطور في الرياضيات لرسم و دراسة الكواكب، و قسموا السنة الأرضية إلى اثنتا عشرة مرحلة كل فترة سميت باسم مجموعة من النجوم و هذا التقليد اعتمده اليونانيون فيما بعد لإنشاء الأبراج الفلكية. هم أيضا قسموا الأسبوع إلى سبعة أيام مسمين كل يوم باسم آلهتهم السبعة (الشمس، القمر، المريخ، المشتري، زحل، الزهرة، و عطارد).
    و لعل أهم إختراع في بلاد ما بين النهرين هو الكتابة، ما بدء من خربشات و رسوم بسيطة على ألواح الطين لحفظ مسار الثروة و الأعمال تطور ليصبح نظام كتابة متقدم في عام ٣٢٠٠ قبل الميلاد. و قد أطلق على نظام الكتابة هذا إسم الكتابة المسمارية و قد أثبت تأقلمه على مدى ثلاثة آلاف عام، تم تكييفه ليناسب اثنتا عشرة لغة أساسية مختلفة و تم استخدامه في مجالات لا حصر لها بما في ذلك تدوين القانون الذي سنّه ملك الدولة البابلية حمورابي الذي أسس نظام العدالة، و لكن بعد فترة بدء نجاح بلاد ما بين النهرين بالتراجع و بالأخص الدولة البابلية التي أثبتت لدول الجوار أنها دولة غنية جدا وهذا ما جعلها فريسة للدول الخارجية. ففي عام ٥٣٩ قبل الميلاد غزا ملك الفرس سيروس الدولة البابلية و سرعان ما فرض سيطرته على جميع أراضي بلاد ما بين النهرين. لقرون أصبحت هذه المنطقة قطاع للامبراطوريات الأجنبية و في النهاية تلاشى أثر بلاد ما بين النهرين مثل ملوكها لتصبح حكاية في قصص التاريخ و مدنها غرقت تحت رمال أرض العراق و لكن أفكارها في الكتابة و الفلك و الرياضيات و القانون و تاريخ الحضارة انتشر في العالم أجمع.

    ناشيونال جيوغرافيك
      إشراف الدكتور مجيد حميد 
    ad728