• اخر الاخبار

    الامام الجواد صورة عيسى ابن مريم

                                                                            عباس قاسم المرياني

      طالما حوت سير الائمة الاطهار حكم وعبر ومواقف تميزوا بها عن غيرهم، فلا يمكن مقارنة كلامهم وحكمهم الا بالانبياء، لانهم اقتبسوا علمهم وفكرهم من القرأن الكريم، ومن جدهم رسول الله محمد(ص)، وعلي بن ابي طالب (ع)، ومن هذا وغيره لا بد لنا ان نستلهم منهم العبر، ونقتفي الاثر، ونرتجي شفاعتهم يوم الحشر.
       والحديث عن سيدنا الامام الجواد (ع) له عذوبة وحلاوة خاصة يلتمسها كل محب، فقد كان اماماً وعالماً ومفكراً بغير عمرهِ، ونحن في ذكرى استشهاده (ع) هذه الايام كانت له سيرة عطرة، ومواقف عظيمة نيرة، لما تميز به من سعة العلم، وقوة المنطق على الرغم من صغر سنه عندما تولى مهام الامامة.
       ففي سنة ١٩٥ هجرية ولد الإمام محمد بن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام)، تلقب بعدة ألقاب اشهرها: النقي، والجواد.
       تميز الإمام بقوة الشخصية والاحترام والاجلال والتقدير بالرغم من سنه الصغير، مما يذكر عنه ان موكباً للمأمون كان متوجهاً ذات يوماً إلى الصيد، فمر بصبية جالسين وكان معهم الامام الجواد، فهرب جميع الصبية لما رأوا موكب المأمون، ماعدا الامام الجواد بقي في مكانه، فرأى المأمون ذلك وسأله: ما الذي ابقاك في مكانك؟ فرد الامام: لم يكن في الطريق ضيق لأوسعه لك، وليس لدي ذنباً لأخافك، ولا انت تعاقب من لا ذنب له، فأعُجب المأمون برده البليغ وقوة شخصه.
       فضلاً عن ذلك تميز الامام بسعة العلم، والحكمة، وسرعة البديهة منذ الصغر، نتج عن ذلك الكثير  من الحقادين والمبغضين له، فكانوا يطرحون عليه المسائل ليختبروه، ويحرجوه، فكان يرد عليهم بكل ثقة واقتدار.
     سأله مرة يحيى بن أكثم صاحب منصب قاضي القضاة لدى العباسيين قائلاً: ما تقول في مَّحرم قتل صيداً؟
    فرد الامام: هل قتله في حل أو حرم؟ عالماً أم جاهلا ً؟ قتله عمداً أو خطأ ً؟ حراً اكان أم عبداً؟ صغيراً أو كبيراً؟ مبتدئا ً بالقتل أم معيداً؟ هل كان الصيد من الطير أم غيرها؟ صغيرة ام كبيرة؟ مصراً على ما فعل أم نادما ً؟ أكان قتله للصيد في الليل او في النهار؟
    مَّحرما ً كان للعمرة أو للحج ؟
    ارتبك ابن أكثم من ذلك ولم يرد، واندهش الحضور من كلام الامام.
      وحتى بعض اتباع ال البيت عندما سألوا الامام الرضا (ع) عن الامام من بعده، فأشار عليهم بالجواد، فتعجبوا! لصغر سنه، فقال الرضا (ع): لا تتعجبوا فالنبي عيسى كان اصغر منه سناً، واتاه الله الحكمة والنبوة.
    ومن كلمات الامام الجواد المضيئة والخالدة:
    عَّز المؤمن غناه عن الناس.
    المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال: توفيق من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممن ينصحه.
    يوم العدل على الظالم اشدَّ من يوم الجور على المظلوم.
    حسب المرء من كمال المروءة، تركه ما لا يجمل به.
    لن يستكمل العبد حقيقة الإيمان، حتى يؤثر دينة على شهوته.
    موت الإنسان بالذنوب، أكثر من موته بالأجل، وحياته بالبر، أكثر من حياته بالعمر.
    ad728