الحكم على الظاهر
بقلم المدون : نجلاء الحبيب
شرعيا ، نحن مدعوون للحكم على الظاهر .. يقول تعالى: { ولاتقولوا لمن القى إليكم السلام لست مؤمنا } ، قيل في تفسير الآية إن الله خاطب بها المؤمنين المجاهدين أن يتأنوا في قتال مايظهر الإيمان وإن ظن به الكفر باطنا ، ولايتعجلوا حتى بتبين لهم أمره .
هنا يواجهنا السؤال الوجيه التالي: إذا كنا مأمورين بالأخذ بالظاهر، فكيف نتحدث عن خداع المظاهر، وندعوا إلى سير الغور والفحص والتنقيب لئلا نكون من المخدوعين المغرر بهم الذين وقفوا عند الظاهر لايتجاوزه؟
الداخل الانساني منطقة محمية لايجوز اختراقها أو النبش فيها ، لابالتجسس ولا بالأغتياب ولا بسوء الظن .. وكما ورد في مقال المحامي علاء صابر الموسوي (التنمية الانسانية ) انها منطقة تحمل لافتة(سري للغاية) وليس لك أن تكشف المستور المغطى الذي حرص صاحبه على ستره وإخفائه.
المنطقة الخفية الباطنة ، بعيدة الغور يصعب الوصول إليها ، فالأنسان بطبعه كتوم حتى مع اقرب الناس إليه ، ولذا يمكن الوصول إلى بعض جزره وليس لمحيطه كله ، فحتى مايعرف بعلم النفس{ بالاستبطان } لايستبطن الإنسان بشكل مسحي كامل وشامل.
والدعوة إلى عدم الغوص في الأعماق ، من أجل تفادي البلبلة أو الفتنة الإجتماعية ، لأننا لو اطلعنا على حقائق بعض الناس لولينا منهم فرارا ، وبالتالي فالمراد هنا محاولة خلق أجواء أمنية ونفسية مستقرة.
بناءا على ماتقدم ، ينبغي الإعتناء بالمظهر إن صعب الإعتناء بالجوهر، خجلا أو حياءا أو مراعاة للجوا الاجتماعي والتستر وعدم التجاهر والتبجح وإفشاء الفاحشة والجهر بالمعصية، أي كما يراد للآخر أن لايخترقك داخليا ، احرص على أن لاتفتح له نوافذ الإختراق والتلصص.
لكننا نتسائل في الاثناء: هل يعني ذلك أن لانفحص ولانختبر ولاندقق ولانتحرى؟ هل هناك تنافي بين أن أحكم على الظاهر وأن لايخدعني الظاهر؟
هناك التباس في المسالة يجب رفعه.....
إن من يلقي إلي السلام ظاهريا لا أقول عنه بأنه ليس مؤمنا حتى وإن ظننت بكفره باطنيا حتى يثبت العكس ، فمسلمة الفتح الذين دخلوا الاسلام بشكل دفعي لان سلطانه لم يعد يقادم ، قبل منهم اسلامهم ، لكن القبول لايعني منحهم(شهادة تزكية) أو(براءة ذمة) في فلاح وصلاح ونجاح كل واحد منهم ، ولا هو (صك غفران) مدى الحياة ، فقد تتكشف الحقائق والنوايا مع مرور الأيام لينجوا الصادق ويفتضح الكاذب المخادع ، وتبعا لذلك فليس هناك في الاسلام حالة استسلام كلية مطلقة ، فأنا أقترب منك وأنت تقترب مني بقدر ما انا وانت قريبان من الاسلام ... هذا هو المعيار المحدد والحكم الفصل ، فإذا ابتعدتٌُ أو ابتعدتَ فلا يسري الحكم السابق حتى مع تبدل الموضوع...طبعا هذا الموضوع مستوحى من مصطلحات الدراسات الفقهية. فلكل موضوع ولكل مسالة حكمها الخاص بها.فقد تنتقل من دائرة إلى دائرة، أي يتبدل الحكم ليس من حرمة أقل إلى حرمة اشد. أو بالعكس. بل بانقلاب الحرمة إلى حلية. أو الحلية إلى حرمة بحسب تبدل الموضوع. والأمر لايختلف كثيرا في نظرتنا وتقيمنا للأشخاص.....
وبمعنى آخر ليس هناك حكم ثابت في مثل هذه الحالات ، فلقد عاش البعض في كنف الرسول ص وربما صلى خلفه، واستمع الى اقواله وخطبه ، ورأى افعاله ومواقفه. لكنه انقلب على اعقابه فيما بعد.
https://instagram.com/najlaa_alhabeeb?igshid=juqqle9w5z3h