اطفال العراق معنفين تحت وطأة كورونا
تقرير \ رونق جبار
يرضخ اطفال العراق
تحت وطأة العديد من الجرائم التي تمارس ضدهم ,حيث تأتي جائحة كورونا
لتزيد من معاناة الطفل العراقي الذي بات بأمس الحاجة الى تطبيق حقيقي للقوانين النافذة
والخاصة به لتحميه من اسرته اولا وبعدها المجتمع.
تروي ايات حسن البالغة من العمر (34) عاما كيف انها بحاجة الى ابقاء ولديها
في غرفتهما حين يحين موعد رجوع زوجها، الذي يعمل في محل لبيع البقالة، خوفا من ان يثير
صوتهما او لعبهما حنقه وهذا يعني انه سيضربهما بكل تأكيد، مشيرة إلى أن الأمر تفاقم
بعد تفشي جائحة كورونا، خاصة وان مصدر رزق زوجي الوحيد تحول الى طلبات بسيطة من الاهالي
والقريبين منا الذين يترددون على منزلنا، ما فاقم من حالة السجن التي يعيشها الأطفال.
ايات تقول إنها انجبت طفلها الاول بعد عام من الزواج، والثاني بعده بعام ايضا،
"وتوقعت ان هذا سيجعل زوجي سعيدا خاصة وان المجتمع العراقي يحب انجاب الذكور الا
ان زوجي يعاني من العصبية المفرطة شأنه شأن اغلب الشعب العراقي والتي ادت خلال الجائحة
الى كسره اصبع رجل طفلي الكبير ورضوض في عظام الصدر للآخر حين ضربه الأب بقوة على قفصه
الصدري. وتضيف نداء أن "الطبيبة في المستشفى اخبرتني ان طفلي يعاني من كدمات كثيرة
واني من حقي توجيه دعوى عنف الا ان امي نصحتني بان لا أفعل ذلك، كون الاب من حقه ان
يفعل كل شيء وهو يعلم الاصح لأولاده". وتؤكد المفوض رنا ابراهيم من شعبة العلاقات
والاعلام بقسم الشرطة المجتمعية انه "عادة ما تكون الام هي المبلغة عن حالة التعنيف
ضد اطفالها، او الجيران والاقارب، وهناك مناشدات تصل إلى الشرطة المجتمعية من فتيات
يدعين تعرضهن للتعنيف والتهديد بالسلاح من اب او اخ او زوج، ولكن الخوف يمنعهن من التبليغ
بشكل رسمي وبالتالي نعجز عن حمايتهن الا في حالات قليلة". وتشير إلى أنه
"تبقى هناك حالات تحدث خلف الأبواب الموصدة ولم يتم التبليغ عنها بسبب قلة الوعي
القانوني والأعراف الاجتماعية".
ذكر الخبير القانوني الدكتور علي التميمي في حديث له ان "هناك ضمانات لحقوق
الاطفال موجودة في الاتفاقيات الدولية، والعراق أحد البلدان الموقعة على تلك الاتفاقيات
فضلا عن كون الدستور العراقي اقتبس بعض مواده في ما يخص حماية الطفولة لاسيما المادتين
29 و30 من تلك الاتفاقيات".
وأضاف التميمي ان "هناك قوانين متعددة لحماية الطفولة مثل قانون رعاية الاحداث والذي قسمهم الى اطفال وصبية دون 18 عاما واوجب عقوبات على الولي او اي شخص يقوم بتعذيب الاطفال، اضافة الى ان قانون رعاية القاصرين رقم 97 لسنة 1980 الذي تطرق في بعض مواده الى حماية حقوق الطفل وكذلك الحال بالنسبة لقانون العمل رقم 35 لسنة 2015 حيث اشارت بعض فقراته الى مسألة حماية حق الطفولة".
واوضح التميمي ان "قوانين اخرى أوجبت تواجد محكمة مختصة لمحاكمة الاحداث
بحيث لا يجوز توقيف الحدث بالمخالفات وان تكون الجلسة سرية حفاظا على حق الحدث، إضافة
الى تدابير واحكام الضم وحقه بالميراث".
وانتقد التميمي "تبعثر التشريعات والمواد الخاصة بحماية الطفولة اضافة
الى أن بعض القوانين صدرت منذ دهر طويل ولا تنسجم مع تعقيدات الحياة والتطور في مجالات
التكنولوجيا والوضع الاقتصادي وتشعبات الحياة وصعوبتها".
وأكد الخبير القانوني "ضرورة تشريع قانون (حماية الأسرة من العنف) وصياغته
صياغة حديثة تنسجم مع الأعراف العراقية والشريعة الإسلامية وبعيدة عن الاقتباسات المأخوذة
من القوانين الاجنبية لانه كلما كان القانون عراقيا كان سهل التطبيق ويضمن حقوق الطفولة
وفقا للقيم العراقية".
ذكرت الباحثة الاجتماعية الدكتورة نضال العبادي أن "العنف يعرف اصطلاحاً
بأنّه استخدام القوة بطريقة غير قانونية، أو التهديد باستخدامها من أجل التسبّب بالضرر
والأذى للآخرين، ويُعرّف العنف في علم الاجتماع على أنّه اللجوء إلى الأذى من أجل تفكيك
العلاقات الأسرية".
واضافت ان "للعنف تأثيرا على الحالة النفسية والعصبية للطفل المعنف وقد
يؤدي الى انخفاضً في سُمك غلاف "المايلين" للألياف العصبية عن الانسان الطبيعي
عن أدمغة مَن تعرضوا لمعاملة حادة في طفولتهم".
ورجحت أن "استمرار التعرض للعنف لمدة طويلة، في فترة الطفولة، يُحدث خللًا
دائمًا في الألياف العصبية بالمخ، التي تتشكل في أثناء العقدين الأولين من حياة الإنسان،
وهو ما يُحتمل أن يدفع الشخص إلى الانتحار"."
وبينت ان "العنف الأسري قد يكون لفظياً فيه الصراخ والعويل والشتائم بين
أفراد الأسرة وبكل الاتجاهات، وقد يكون عنفاً بدنياً فالطفل الذي يشاهد عنفاً بين والديه
ستنمو لديه مشكلة او عقدة تتلخّص بأن إثبات الذات في المجتمع يتم عبر استعمال القوة،
وسينمو عنده الجانب الانفعالي على حساب الجانب العقلاني
واكدت ان "هناك حاجة ماسة لتفعيل الاجراءات التنفيذية وتشريع قوانين جديدة
وفق متطلبات الحاجة ووفق ما توصل اليه المجتمع من عنف وسلبيات اجتماعية بكل مجالات
الحياة, وان يكون للسلطة القضائية دور كبير في سن ومعالجة ظاهرة العنف الأسري"،
واعتبرت العبادي "ارتفاع منسوب قضايا العنف لعدة أسباب منها تداعيات نفسية
واقتصادية واجتماعية وثقافية أمنية وسياسية انعكست بشكل كبير على الأسر والمجتمع