حوار مع الاديب الشاعر العراقي ماجد الربيعي
استضافت مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والإعلام وبرعاية وكالة المدائن الاخباريه الأديب الشاعر ماجد الربيعي من عراقنا الشقيق
وتتفرد الوكالة بنشر الحوار الذي أجرته المؤسسة عبر صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك(برنامج لقاء وعلم من وطني )والحوار من إعداد وتقديم الدكتور أحمد بدير شعبان معه في الإشراف الأستاذة سحر قصيبة تحت رعاية رئيسة مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والإعلام الأستاذة رواء العلي
س ١
د. أحمد بدير
مبدعنا الراقي نبدأ حوارنا الان
السؤال الاول
هل كان للنشأة دور في توجهك نحو الشعر ؟ وكيف بدأت رحلتك مع الشعر ومن أثّر بك ؟
ج ١
الأستاذ ماجد الربيعي
بدأتُ مع أول ترنيمةِ ( دللّول ) عشقتها حين كانت ترددها أمي مع تنهيدات الحزن بصوتها الشجي إذ كانت تحاكي الموت الذي أحدثَ ضجّةً في حياتِها حينما سلبها حياة أبي الذي تركني مع اليتمِ أعيشُ طفولةً بائِسةً . كانت تغني حزنها بأنينٍ جنوبي عذبٍ ممزوجٍ بالدموعِ وايقاعات ال ( نواعي ) السومرية في أعذبِ محاكاةٍ وعتابٍ مع الموتِ وهي تضعني بحضنِها الدافيء وتردد إسمي مع كلِّ آهةٍ تخرجُ مع أنينها ، فكان ذلك الإيقاعَ الأوَّلَ والحزنَ الأوَّلَ الذي أدمنتُهُ إلى الآنَ . المعاناة هي التي تصنع الشاعرَ فيتوهّجُ لتكونَ القصيدة ، ثم يأتي الصبا وابنة الجيران التي أوقدت الشوق وجعلتني ارافق حروف السياب وغيرهُ في رحلة الحرف لِأقرأ وأقرأ فتنام تحت وسادتي أجمل القصائد ، وهكذا بدأت رحلتي مع الشعر فكتبت الكثير . الحرب هي محطة أخرى لرحلة الرثائيات حيث يغادر الأحبة في كل يوم لأودعهم بدموع القصائد .
عندما اتوهج ويكتظ بي وجع المعاناة أشعر ان مساحة الورقة تضيق ولا تسعني فيما أنزف ، الإنسان همي الاول في وطنٍ يئنّ فأكتب له ، وأكتب للوطن ، لأمي ، للشهداء ، للمرأة ، ورسائلي الأولى كانت وما تزال للحبيبة التي توقد فيَّ جذوة العشق فيكون التوهّج ، وما زالت تأخذ مساحة واسعة في رسائلي التي لم يلجمها الشيب فيقرؤها من حولي ويعبر صداها بعيداً في مساحات الوطن العربي الكبير فيصل صوتي وهذه هي رسالتي .
س ٢
د. أحمد بدير
السؤال الثاني
هل حبك للشعر بدأ في سن مبكرة؟
وهل كان لك انتاج شعري في مرحلة التعليم ماقبل الجامعي؟
ج ٢
الأستاذ ماجد الربيعي
نعم ، شعرت بأن الشعر هو الملاذ حين تضيق النفس بأحزانها ومعاناتها ، بدأت مبكراً في سن الرابعة عشر وكتبت ولم أكن بمرحلة النضج ولم تكتمل أدواتي بعد ، بالاستمرارية في القراءة والاطلاع على تجارب الآخرين والسعي لامتلاك الأدوات
بوجود الملكة والموهبة تطورت القصيدة وربما استطعت أن أكتب ما يؤثر بالآخرين
س ٣
د. أحمد بدير
السؤال الثالث
قرات مقولة تقول
القاهرة تؤلف وبيروت تطبع والعراق تقرأ...
وهي ان دلت علي شيء فدلالتها علي ثقافة المواطن العراقي ونهمه بالقراءة واضحة
فبمن تأثر شاعرنا في مرحلة التكوين؟
ج ٣
أستاذ ماجد الربيعي
في العراق ورثنا حزناً متوارثاً منذ سومر القصب ، الجنوبيات لغتهن شعر وأنينهم شعر وحتى في طقوس الحزن يرقصن بإيقاع منتظم بكلام مؤثر وله دلالاته في الرثاء والفخر ، فلاغرابة أن يكون الشجن عراقياً ، أغاني الحصاد في مواسم الخصب ما تزال يرددها الجنوبيون ، بتعاقب الحضارات ملكنا إرثاً شعرياً نعتز ونفخر به إلى الآن
أمي رحمها الله كانت تقول الشعر بلهجتنا المحلية وقد أبدعت كثيرأ في الرثائيات. وقد أثرت بي كثيرا ثم بدر شاكر السياب كان أستاذي الأول وتأثرت بقصائده الموجودة في مناهجنا الدراسية ثم توسعت قراءاتي للكثير من الشعراء
س ٤
د. أحمد بدير
السؤال الرابع
ماأسباب اختيارك للشعر تحديدا من بين انواع الأدب الاخري؟
وهل تقف من أنواعه علي مسافة واحدة ؟
ام ان لبعضها منزلة خاصة في نفسك؟
وان كان فاي الانواع؟ وما سبب تفضيلك له؟
ج ٤
استاذ ماجد الربيعي
الشعر هو محاكاة الوجدان بما يصل به حد الإنبهار ، وهو رسمُ صورة ذهنية بواسطة الحروف لتطلق العنان للخيال بتصورها حسب رؤية المخاطب وحسب معاناتهِ ، الشعر هو التعبير عن كل المشاعر الإنسانية بطريقة فن صناعة الدهشة .
الشاعر صاحب رسالة نبيلة وغايتهُ إيصالها وهو صوت شعب وصوت أمة وصوت وطن ، وهو المرآة العاكسة لمعاناة الإنسان بوجعه وحزنه وكل ارهاصاته وما يعانيه .
حسب رؤيتي للشعر ، هو ما يخرج من القلب فيصل القلوب ، وأول اداة للشاعر هي الملكة الشعرية التي هي هبة من الله عز وجل وهي لا تُعَلّم أو تُكتَسَب أبداً ، والأداة الثانية هي الأذن الموسيقية التي تميز الإيقاع الشعري لصنعِ كلامٍ مموسقٍ موزونٍ تطرب له الأذان سواءً كان هذا الإيقاع ينتمي إلى بحور الشعر كما صنفها الفراهيدي أو إلى التفعيلة التي تجيز للشاعر أن يتصرف بتلك الإيقاعات والبحور الشعرية بموسيقى منتظمة .
والأداة الأخرى والمهمة جداً هي اللغة التي تعتبر هوية الشاعر وهي المادة الأساسية لبناء القصيدة بمهارة الخيال الشعري والإيقاع الموسيقي وهي الوعاء الذي يقدم فيه الشاعر أفكاره ومشاعره ، فكلما كانت اللغة رصينة كان الشعر رصيناً ومن لا يتمكن من لغتهِ لا يمكن أن يكون شاعراً .
عرفنا صنوف وفنون الأدب ونحن صغار ، فهناك الشعر والنثر والخطابة والمقالة والقصة والقصة القصيرة والرواية ، ولايمكن تصنيف النثر على إنه شعر بذريعة الحداثة والتجديد والتطور ، النثر صنف أدبي قائم بذاته وهو جميل ورائع وأنا من عشّاقه وأكتبه بجمالية عالية ولكنني لا أعتبره شعراً .
الحداثة في الشعر هي في صناعة الصورة الشعرية وطريقة تسخير اللغة والأدوات والإتيان بالجديد مع المحافظة على أدوات الشعر التي عرفناها والتقيد ببحور الشعر والموسيقى الشعرية ، وليس الحداثة في كتابة الطلاسم والجمل المبهمة التي لا نعرف معناها وليس لها لوناً ولاطعماً ، لا أسمي كل ما يكتب شعراً ما لم يمتلك شروط القصيدة ويحرك الوجدان .
انا مع الجمال أينما وجد سواءً نثراً أو شعراً ، أميل لطرق الصعب والالتزام بالوزن والقافية مع وجود الدهشة والإبهار ، أحيانا أكتب خلجاتي نثراً وأراها مؤثرة في الآخرين واشعر بردود الافعال من خلال الوسط المحيط بي
س ٥
د. أحمد بدير
السؤال الخامس
تقع العراق في موقع متميز إذ يجري في ارضها نهري دجلة والفرات
وكانت بغدادحاضرة الدولة الاسلامية في ازهي عصورها واكثرها تقدما
فهل كان لهذه الاشياء أثر في الابداع وتنوعه في العراق ؟
ج ٥
أستاذ ماجد الربيعي
أكيد ، فأينما ما وجدت الحضارة وجد الشعر ، كلكامش كتب ملحمته شعراً ، ورثنا الغناء شعراً ، العباسيون جلبوا الوراقين من الصين ليطبعوا الكتب ، وقربوا الشعراء فهم وسيلة إعلامية مهمة وكانوا يجزلون العطاء للشاعر فكان تنافساً شريفاً في الإبداع وعلى مر العصور ظهرت في العراق رموزاً شعرية بقيت أصداؤها حاضرة ولم يمحها الزمن
س ٦
د. أحمد بدير
السؤال السادس
اشتهرت العراق منذ القدم بمهرجاناتها الشعرية
وكان لشعر النقائص باع طويل في تميز اهلها بالشعر
خاصة ماارساه جرير والفرزدق
فهل لهذه المهرجانات الان ماكان للمربد قديما؟
ج ٦
أستاذ ماجد الربيعي
مازلنا نحذوا حذو الأولين ، فالمربد حاضر في كل عام ونتسابق من أجل الجمال في بصرة السياب ، ومهرجان الجواهري السنوي حاضر في بغداد وكذلك مهرجان أبي تمام في الموصل الحدباء ، مهرجان المتنبي في واسط ولا تخلو محافظة عراقية من مهرجان شعري سنوي يجتمع فيه صنّاع الكلمة ليقولوا للعالم أن العراق مازال ينبض شعراً ، ولكن في السنتين الأخيرتين تأخرنا عن اقامة المهرجانات بسبب جائحة كورونا ، الشعر بخير والعراق ولاد بكل ماهو جميل وهادف رغم الظلام والظلاميين
س ٧
د. أحمد بدير
السؤال السابع
كان لمعاليكم حضور مميز في الكثير من المهرجانات الشعرية والمؤتمرات التي تهتم باللغة العربية
داخل حدود الوطن وخارجها
فايها كان له الأثر الأكبر في حياتك؟
ج ٧
أستاذ ماجد الربيعي
أكثر المهرجانات تركت أثرا وحققت هدفاً نبيلاً هو مهرجان للشعر العربي في قضاء حديثة في غرب العراق بعد التحرير من براثن داعش ، كانت الطرق خطرة والتهديدات كثيرة وحضرنا من كل مدن العراق لنقول للعالم بأننا عراق واحد ، وفعلا كنا نشكل عراقاً مصغّراً في مدينة لم تستسلم لداعش وللظلام ، كان لمهرجان الاسكندرية في جمهورية مصر العربية عام ٢٠١٩ أثراً طيباً وكبيراً حيث اجتمع الشعراء العرب في أم الدنيا ليقولوا أننا أمة واحدة تعشق الحياة والجمال ، كل المهرجانات حققت اهدافها النبيلة في المحبة والسلام
س ٨
د. أحمد بدير
السؤال الثامن
شاعرنا الكبير
باعتباركم احد الشهود المميزين علي هذه الحقبة
هل انت راض عن الحالة الأدبية المعاصرة ؟
وهل ماتفعله مؤسسة الجيل الجديد وشاركتم فيه بمجهودكم المشهود
عملا مميزا؟ام ينقصه شيء ؟
ماستقوله شهادة موثقة من شاعر مميز للتاريخ
ج ٨
أستاذ ماجد الربيعي
افرح وأكون سعيداً عندما أجد هذا التوجه والاهتمام بالشعر من لدن الكثيرين ، فالأعداد الكثيرة من الشعراء في الساحة الشعرية هي حالة صحية وحافز للإبداع أكثر وأكثر .
الإبداع الشعري يولد من رحم المعاناة ،
أفرح لأن رسالة الشعر تصل ويُسمع صداها عبر القصيدة التي تهز الوجدان وتحدث تأثيراً لدى المقابل سواءً كانت للوطن أو للحبيبة أو للإنسان المظلوم .
أفرح كثيرا حين تقوم مؤسسة نبيلة بأهدافها ورسالتها في السعي للم شمل العرب تحت راية الشعر ، مؤسسة الجيل الجديد قدمت منجرين رائعين عجزت كبرى المؤسسات الحكومية عن تقديمها ،
جهود مباركة في التواصل مع كل المبدعين العرب قدمتها هذه المؤسسة الرائعة وكان لي شرف المشاركة ، سيدة الجيل لم تبخل بالجهد والمال من أجل وحدة الكلمة والمحبة والسلام ، الأخوة والأخوات القائمين على هذه المؤسسة تفانوا كثيرًا بجهودهم ووقتهم من أجل إيصال رسالة السلام في وطن هو أحوج للسلام في هذا الزمن الصعب ، شكراً لكل من يصنع المحبة في وطننا الكبير
س ٩
د. أحمد بدير
السؤال التاسع:
هل حصلتم علي تكريمات في مجال الشعر؟
نتمني أن نتعرف علي بعض هذه التكريمات وأكثرها قربا من نفسك وسبب ذلك ؟
ج ٩
أستاذ ماجد الربيعي
التكريمات كثيرة وكلها أعتز بها وأفتخر
حصلت على درع الجواهري من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
حصلت على درع الإبداع من وزارة الثقافة العراقية لأكثر من مرة
حصلت على درع الإبداع من جامعة بغداد لدوري في احياء مهرجان اللغة العربية بمناسبة يوم الضاد
درع الابداع من جمهورية مصر العربية في مهرجان الاسكندرية الرابع للشعر العربي وكان العراق ضيف الشرف فيه
درع الابداع في مهرجان همسة الدولي عام ٢٠٢٠
رسالتنا هي المحبة والسلام من خلال القصيدة والكلمة المؤثرة والجمال
س ١٠
د. أحمد بدير
السؤال العاشر والاخير:
حلما لك عشت به زمنا طويلا؟
ماهذا الحلم ؟
وهل تحقق ؟ام مازال في طور الخيال؟
ج ١٠
أستاذ ماجد الربيعي
حلمت كثيراً وما زلت أحلم بوطنٍ معافى لايؤمّه الظلام والظلاميون ، حلمت وما زلت أحلم أن لا تفزّ العصافير من صوت الرصاص في وطن مستباح .
حلمت وما زلت أحلم بالسلام في وطن تناهبه اللصوص
ولانملك غير صوتنا عالياً ينادي بالحرية