• اخر الاخبار

    طريق الحرير ... ماضي العراق الاقتصادي المشرق مع جمهورية الصين الشعبية العلاقات العراقية الصينية في ظل طريق الحرير.... الماضي والحاضر ( الجزء الأول )


    البصرة \   باسم حسين غلب

    كاتب وصحفي ، عضو نقابة الصحفيين العراقيين، مدير تحرير صحيفة البصرة الثقافية ، معاون مدير قصر الثقافة والفنون أحد تشكيلات وزارة الثقافة العراقية .


    في محاولة جادة ، لإعادة احياء طريق الحرير القديم ، بدأت الصين في عام 2004 ، بخطوات عملية جادة ، للاستفادة من ذلك الطريق التجاري الذي كان يربط الشرق بالغرب ، وكانت أولى ثمرات تلك المشاورات والاتصالات ، ليعلن عن تأسيس (منتدى التعاون الصيني العربي) فبدأت أولى اتصالاتها مع الدول العربية المطلة على الخليج العربي ، لتتوالى المبادرات واللقاءات ، بين بكين وباقي الدول العربية لاسيما الكويت والامارات والاردن ومصر وغيرها من دول العالم ، وكان للرئيس الصيني (شي جين بينغ) ، دور بارز في تنشيط وإجراء تلك المباحثات وتفعيل دورالصين الإقتصادي خاصة في مجال نقل الطاقة الكهربائية والاستثمارات في مجالات عليمة واقتصادية (الموانىء والأقمار الصناعية) ، ومشاريع لايسع المجال لذكرها وما الإجتماع الذي عقد في بكين يوم 10 / تموز / 2018 ، والذي شاركت فيه 21 دولة عربية ، إلا دليل على اهمية تعزيز العلاقة التجارية العربية الصينية (القديمة / الحديثة). خاصة وأن  الجانبين الصيني والعربي قد بذلا " جهودا متواصلة لتعزيز المواءمة بين الستراتيجيات التنموية ، مما دفع التعاون في كافة المجالات لتحقيق تقدم جديد " (1) وربما خير مثال على رغبة الجانبين (العربي والصيني) في تطوير العلاقات التجارية فيما بينهما ، ما قام به " صندوق طريق الحرير والبنك الآسيوي للأستثمار في البنية التحتية باستثمارات في الدول العربية . (2) . 

    أما فيما يخص دور العراق  الإنساني  والثقافي والحضاري والتجاري، يمكن القول أن لهذا البلد دور كبير على مدى التاريخ  ، إذ يعد  الشريك الفاعل والمؤثر في نشوء علاقة رصينة  امتدت على مدى قرون من الزمن جمعت الحضارتين العربية والصينية، علاقة كانت وما تزال قائمة على الإحترام المتبادل ، لتساهم في  رسم خارطة تواصل مشترك بين الجانبين .

    إذ " يرجع التواصل بين الصين والدول العربية إلى زمن بعيد ، ويعد نموذجاً يحتذى به ، فعلى مدى 2000 سنة ، تواصلت الأمتنان الصينية والعربية بشكل مستمر براً وبحراً ، واستفادت  الحضارتان الصينية والعربية من بعضهما البعض ، حتى أصبحتا نموذجين مشرقين . " (3) . هذا التاريخ  يشير بما لا يقبل الشك ، إلى  أن العرب يتمتعون بقوة إقتصادية كبيرة ، ويمتلكون موانئ ، واسطول تجاري ، واسطول  عسكري بحري  لا يستهان به ، يأخذ على عاتقه حماية السفن التجارية من قطاع الطرق ، الذين كانوا يعترضون السفن في عرض البحر .  لو لم يكن العراق ، بلداً مزدهراً ، صاحب حضارة ، عرف بغزارة إنتاجه الثقافي والتجاري ، لما تقربت منه الإمبراطورية الصينية ، فعلى مدى التاريخ ، ارتبطت الصين بعلاقات وثيقة مع البصرة ، وذلك لما تتمتع به  الأخيرة من موقع ستراتيجي مهم في المنطقة والعالم . واستمرت تلك العلاقة حتى بعد ظهور الدولة الإسلامية في الجزيرة العربية . ومن هنا فإن المتتبع  لتاريخ العلاقات العربية  الصينية أيام 

    الدولة العباسية " تظهر له بعض الأمور أولها النشاط التجاري البحري في المحيط الهندي ويعزو جبرائيل فران هذا النشاط إلى وجود دول منظمة قوية في كل من العراق والصين حيث كانت الخلافة العباسية في بغداد ودولة تانغ القوية في الصين ، ولم يقتصر النشاط على التجارة والحياة الإقتصادية ، بل ان العلوم والفنون والأدب تقدمت أيضاَ .

     وهذا ما حدا بالعرب والصينيين ان يتبادلوا سلعهم وعلومهم وأدبهم وفنونهم . وان مدينتي البصرة والابلة العراقيتين كانتا منتهى مطاف السفن القادمة من الصين .

     وثانيهما هو العلاقة التجارية الدبلوماسية التي كانت قائمة بين الخلفاء العباسيين والأباطرة الصينيين ، وثالثهما هو الأدب الجغرافي البحري العربي الذي رافق النشاط التجاري حيث خلف لنا تجار وقصاص وربانية من أهل القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) اخباراً عن البلاد التي زاروها أو سمعوا قصصها أو ابحروا اليها . وكانوا أول من عرف العالم على البحار الشرقية وشواطئها و اهلها ومتاجرهم وعاداتهم ورسومهم ، بحيث نحصل على صورة اجتماعية اثروبولوجية إقتصادية حية عن تلك المناطق والبحار .

     ونقصد بهذا الأدب الجغرافي العربي هو كتاب (اخبار الصين والهند) للتاجر سليمان والثاني (من اخبار الهند والصين) الذي يكاد يكون تعليقا وتوضيحاً مفصلين للكتاب الأول ، وهو من تأليف أبي زيد السيرافي حيث ان سليمان كان تاجراً وانه سافر إلى الهند والصين أكثر من مرة بقصد التجارة وانه كتب كتابه سنة 237 هجرية / 851 م . (4)  ، ليس هذا فحسب ، بل " كانت العلاقات التجارية والدبلوماسية قائمة بين الخلفاء العباسيين والأباطرة الصينيين وقد بلغت السفارات العباسية من بغداد إلى الصين التي ورد وردة فقط في ((تاريخ اسرة تانغ الصينية)) خمس عشرة سفارة شملت عهود ابي العباس السفاح والمنصور والمهدي والرشيد، بالإضافة إلى السفارات التي وصلت في العصور العباسية المتأخرة حتى ان المصادر الصينية الأخرى احصت خمساً وعشرين سفارة وصلت إلى الصين بين سنتي 349 – 535 هجرية / 960 – 1140 م) " . (5) ، يستفاد مما ذكر ان العلاقة التجارية ما بين الصين والبصرة ، كانت قائمة وإلى  وقت قريب جداً ، وهذه العلاقة ساهمت إلى حد ما في إعادة احياء فكرة طريق الحرير في هذا الوقت تحديداً ، لما له من أثر إقتصادي كبير على الجانبين العربي والصيني ، وما المحاولات التي بذلت منذ عام 2004 والى الآن ، إلا ثمار تلك العلاقة القديمة وان كانت بتقنيات اكثر تطوراً و أكثر واعم فائدة ، خاصة في مجال الطاقة .    

    مصادر البحث :


    (1) ، (2) ، (3)  /  جريدة الصباح العراقية الرسمية ص9 (العربي والدولي) / العدد 4290 – الأثنين / 9 تموز / 2018 

    (4) المصدر السابق ص  19  وص 5

    20

    (5) المصدر السابق – جريدة  الصباح العراقية الرسمية ص9 (العربي والدولي) / العدد 4290 – الأثنين / 9 تموز / 2018 ص 520

    ad728