البصرة مدينة تحتضر
● اعدادالتقرير/ إكرام مخلف
مازالت مدينة البصرة تعاني تلوثا
بيئيا مميتاً بسبب النفايات الصلبة وتلوث المجاري المائية وتلوث الهواء اضافة الى
تلوث الارض بسبب الحروب التي تعرضت لها المدينة إبان الحروب السابقة .
في تقرير نشره مكتب الأمم المتحدة هنا لتنسيق الشؤون الانسانية
وأعدته منظمة REACH
Iraq
فإن البصرة الآن تتعرض لكارثة بيئية. أجرت منظمة ريتش العراق تقييمًا للنفايات
الصلبة في القنوات الرئيسية في البصرة كخطوة أولى لتسليط الضوء على الحالة السيئة
لهذه البنية التحتية الحيوية. يقول
التقرير إن المعلومات المحيطة بالقمامة في القنوات الرئيسية ضئيلة وهناك حاجة إلى
مزيد من الاهتمام بهذه الكارثة البيئية، لأن هذا التقييم استند حصريًا إلى بيانات
الأقمار الصناعية والبيانات الثانوية ، دون التعقب الأرضي بواسطة REACH .وووووييي
نرى أوضح صورة لهذا التلوث وآثاره في مئات الضحايا من المصابين بأمراض
السرطان في مستشفى الطفل التخصصي في البصرة والتي لاتتوفر فيها ابسط العلاجات لهذا
المرض القاتل.في هذه الردهات يرقد عشرات الاطفال الذين يعانون من مرض السرطان
واوجاع هذا المرض، وتبيت في أروقة هذه المستشفى امهات على أمل ان يتشافى اولادهن .
تعثر ملف التلوث في العراق بسبب اخفاق الحكومة والبرلمان في معالجة مثل هذه
الملفات الحساسة والتي تتعلق بحياة المواطن بشكل مباشر نتيجة التجاذبات السياسية
بين الكتل الحزبية ومن يمثلهم في الوزارات المعنية مما ادى الى تقصير واضح من قبل
تلك الوزارات في معالجة الامر .
وكشفت اخر التقارير الحكومية التي صدرت من قبل وزارة الصحة والبيئة عن اصابة اكثر من 3000 مواطن بمرض السرطان خلال عام 2020 واكد ذلك الكثير من المختصين العاملين في المجال الصحي .
المرشحون ودورهم في
إنقاذ البصرة من الكارثة البيئية
ويقول المرشح علي المشكور الفائز
ضمن قائمة تحالف تصميم الدائرة الثانية في البصرة
"بالنسبة لموضوع التلوث البيئي جاء في
برنامجنا الانتخابي ومعالجة التلوث الحاصل في البصرة خاصة والعراق عموما حيث يواجه
ملف التلوث البيئي مشكله تعرض لها العراق نتيجة الخطأ في عقود التراخيص من جانب.
أما الجانب الاخر فهو عدم امتثال الشركات الكبرى المتعاقدة مع العراق للاستخراجات
النفطية بوضع مرشحات او معالجة الغازات الناتجة عن هذه الاستخراجات النفطيه "
.
وعن خطط قائمته المستقبلية لمعالجة الموضوع قال المشكور"فنحن في تحالف
تصميم وضمن برنامجنا الانتخابي سنعمل على تعديل عقود التراخيص وسنحاول بكل الوسائل
المتاحه ان نلجأ الى تعديل عقود جولات التراخيص بما يضمن سلامة المواطنين او الحد
من ظاهرة التلوث في العراق" .
وأضاف المشكور "أنه تم وضع خطة في التفتيش عن المصانع الكبرى واصدار
قانون او تعليمات وضع مرشحات للمعامل والمصانع التي تنبعث منها الغازات الملوثة
للهواء ولاسيما الغازات السامه لتكون هناك سيطرة على الغازات المنتشره في المحافظة
نتيجة المصانع والمعامل خصوصا المصافي النفطية التي تعتبر سببآ من اسباب انتشار
الامراض السرطانية في البصرة. كذلك وضع خطة ضمن برنامجنا وهو دعم وزارة البيئة
ودوائرها في المنطقة الجنوبية واجراء عملية مسح شامل لجميع مناطق المحافظة الملوثة
والعمل على معالجة هذا الأمر بكل قوة لغرض الحد من الإصابات".
وأكد المشكور"انه سيسعى إلى
بناء المستشفيات الخاصة وتوفير علاجات للمرضى والعمل على شراء اجهزة حديثة للكشف
المبكر عن الأمراض السرطانية ونكون عون لابناء البصرة وابناء البلد والمطالبة
ببناء مستشفى كبيره لمعالجة هذه الامراض والحد منها" .
"هذا ماخرجنا به من حلول في المستقبل في برنامجنا الانتخابي ضمن تحالفنا وسوف نعمل جاهدين على تحقيق
ذلك".
وفي حديث سابق لمدير دائرة البيئة والصحة في المنطقة الجنوبية وليد الموسوي
تحدث عن أسباب انتشار السرطان بمعدلات عالية قائلاً " من اهم الاسباب التي
تساهم في انتشار المرض الخبيث بصورة سريعه في البصرة هو نسبة التلوث المتزايدة يوم
بعد يوم اضافة الى رمي المخلفات في مياه الصرف الصحي التابعة الى المستشفيات في
الانهر وخاصة شط العرب وعدم وجود محطات بايولوجية خاصة بالمستشفيات" .
أضاف الموسوي: "كشفنا عن وجود 26 موقعاً ملوثاً في مناطق الدرهمية والهوير
والرميلة وأبي الخصيب والبرجسية والقرنة وجبل سنام والفاو جنوب غرب البصرة
وشمالها" .
وكشف المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر في حديث سابق له
( للحرة) عن النسب واعداد
المصابين في محافظة البصرة قائلا :
"إن المعدل السنوي للإصابة بمرض السرطان في العراق يبلغ 2500
حالة إصابة، بينها 20% إصابات بسرطان الثدي، وقد حصدت البصرة أعلى نسب الإصابة
بالسرطان بين عامَي 2015 و2017، فقد تراوح بين 400 و500 إصابة شهرياً، لكنه ارتفع
بنسبة تصل إلى 200% تقريباً خلال 2018 و بلغت نسبة الاصابات في محافظة البصرة لعام
2020 ما يقارب (600-700) إصابة .
وفي حديث خاص لخبير البيئة في جامعة البصرة، الدكتور شكري الحسن، قال
"لايخفى علينا أن البصرة من المدن التي تعاني من مستويات تلوث
عالية وخطيرة هذه حقيقة علمية وليست مجرد عنوان صحفي , فمنذ حرب الخليج الثانية
عام 1991 اصبح الهواء ملوثا وخاصة بعد حرق آبار النفط الكويتية واتجاه سحب الدخان
في اجزاء من المناطق الجنوبيه للعراق , بالاضافه الى زيادة الانتاج النفطي بعد عام
2003" .
ويضيف د. الحسن "أما بالنسبة لموضوع المياه، فمياه البصرة من أردأ
انواع المياه في المنطقة عموما ومسممة وفيها تراكيز عاليه من الملوثات من المعادن
الثقيلة والهيدروكاربونات النفطية والتلوث الجرثومي والتراكيز الملحية العالية غير
المسبوقة".
وأضاف د . الحسن "ولدينا في البصرة مشكلة اخرى وهي مشكلة تكدس النفايات
المرتبط بتزايد اعداد السكان حيث شهدت المدينة زيادة سكانية غير مسبوقة خصوصا
مابعد 2003
,فالمواطن حسب التقديرات انه يطرح في اليوم الواحد بحدود 600 غرام
من القمامة والنفايات ارتفعت هذه النسبة إلى حوالي كيلو ونصف , وهذا ممكن ان يحتسب
في معادلة بسيطة مابين عدد السكان ونسبة مايطرحة الشخص الواحد من نفايات ".
وأكد د . الحسن "إن مشكلة تكدس النفايات مشكلة خطيرة تؤدي الى تلوث التربة بالإضافة إلى مظهرها الغير لائق والمشوه للمدينة وله اثار صحية كثيره منها تجمع الحشرات والقوارض , ومن المهم ان نشير الى تطور الجهاز البلدي واسطول رفع النفايات , لكن المشكلة اكبر وبزيادة مستمرة فلو فرضنا ان الجهاز البلدي تعطل عن العمل ليوم واحد او يومين سنرى حجم تلال من النفايات" .
(اما بخصوص موضوع التلوث بالاشعاعات الذرية في الحقيقه ان العراق
لم يكن يعرف الاشعاعات الذرية لغاية حرب الخليج الثانية في عام 1991,حيث قامت قوات
التحالف باستخدام ذخائر تحتوي على اليورانيوم المنضب ونتيجة لتلامس الناس بهذه
المخلفات ظهرت لدينا اصابات بامراض السرطان والتشوهات الخلقية للاجنة وعمليات
اجهاض ولادي , حيث كانت نسبة الاصابات 4 لكل 100 الف من السكان لكن هذه النسبة
ارتفعت الى عشرة أضعاف في عام 1995 الى 44
لكل 100 الف من السكان ).
ويقول د . الحسن "تكررت
المأساة لعام 2003 حيث استخدمت قوات التحالف الذخائر التي تحتوي على اليورانيوم
المنضب وما زاد الطين بلة قام الاهالي بسحب الاليات المضروبة
من الصحاري وادخلوها الى المدينة فاصبحت لدينا عدت نقاط مشعة داخل المدينة
نفسها ونتيجة لذلك سبب لنا كارثة صحية حيث ارتفعت نسبة الاصابات بمرض السرطان الى
ان تم جمع هذه الاليات والمعدات في عام 2010 ونقلها الى منطقة صحراوية نائية ".
البصرة لم تعد صالحة للعيش
وبحسب خبير البيئة في جامعة البصرة الدكتور شكري
الحسن قائلاً
: "عُدت البصرة من المحافظات غير
الصالحة للعيش بسبب تأثرها بانبعاثات الغاز الناتجة من الاستخراجات النفطية وقربها
من حقول النفط اضافة الى تلوث مياه شط العرب بالمواد الكيمياوية نتيجة رمي
المخلفات الحربية اضافة الى ربط مجاري المدينه عليه ".
وتحدث عدد من المصابين بامراض السرطان
في البصره عن نقص حاد في توفر العلاجات اللازمه مما ساعد على انتشار المرض بين
اوساط المواطنين بشكل مرعب :-
تحدثت احدى المصابات التي ترقد
مستشفى الاورام السرطانية والتي رفضت ذكر اسمها انها اجرت عملية استئصال للرحم
وجزء من اسفل الذراع نتيجة الاصابة بسرطان العقد اللمفاوية عن سوء الخدمات المقدمة
للمريض قبل وبعد العملية حيث ذكرت "انها لم تستطيع اجراء العمليه في
المستشفيات الحكومية بهذا المرض لعدم توفر العلاجات اللازمة والاجهزة الطبية التي
تساعد في علاج مثل هذه الحالات مما اضطرها ان تجري العمليه على نفقتها الخاصة في
احد المستشفيات الاهلية" .
واضافت انها تكلفت كثيرا بهذه العملية كون مستواها المادي دون الوسط لكنها
كانت مضطرة لذلك .
احمد التميمي فتى يافع اُصيب بمرض سرطان الدم( اللوكيميا ) وهو يعاني نقص
حاد في إنتاج كريات الدم البيض التي تؤدي إلى فقر الدم والنزيف الحاد والتهابات
الغدد اللمفاوية , علم احمد بعد انتشار المرض في جسمه انه مصاب بهذا المرض اللعين
حيث كان يشعر بالم شديد
, لجاء الى المستشفى لتلقي
العلاج فاخبره الطبيب انه لايتوفر العلاج في المستشفى لذا عليه ان ياخذ العلاج على
نفقته الخاصة .
(ويُذكر ان مستشفى البصره التخصصي المختص بالامراض السرطانية
للاطفال يعاني نقصا حاد في توفر العلاجات اللازمة مما تشهد بين فترة واخرى حملات
للتبرع بالدم من قبل المواطنين في البصرة واخرها كانت حملة كبيرة اطلق عليها (
جرعة امل ) لسد النقص الحاصل بالعلاجات الخاصة بامراض الدم ).
وعد باحثون ومختصون في مجال التلوث البيئي ان السبب الرئيسي في انتشار
الامراض السرطانية يعود الى قرب المناطق السكنية وخاصة الاراضي الزراعية من حقول
النفط وما تجرية في عمليات التنقيب والاستخراج للنفط , كذلك تعرض مياه شط العرب للتلوث المستمر بسبب
التركيز الملحي الناتج من انخفاض مستوى المياه العذبة وارتفاع نسبة مياه الخليج
العربي كذلك عد الباحثون سبب اخر للتلوث هو المخلفات التي ترمى في شط العرب
والانهر الفرعية التي تتصل به .
وتجدر الاشارة ألى أن اكثر الطبقات تضرراً بهذا التلوث هم اصحاب الدخل
المحدود الذين يعانون من عدم قدرتهم على شراء العلاجات الخاصة وكذلك مراجعة
الاطباء المختصين لإجراء الفحوصات المختبرية للكشف المبكر عن امراض السرطان التي
تصيبهم بسبب ارتفاع الاجور للكشفية .
وتبقى معاناة المواطنين مستمرة بسبب اهمال الحكومة في لمعالجة هذه المخلفات من خلال انشاء محطات
معالجة داخل المستشفيات للحد من رمي النفايات المتلوثة التي تسبب اصابات مباشرة
للمواطنين الساكنين قرب الانهر .
كذلك عدم قدرة وزارة البيئة بسبب التخصيصات المالية قيامها بمعالجة المناطق
التي تعرضت للضربات الجوية والصاروخية أبان الحروب السابقة والتي ثبت رسمياً
وبتقارير دولية إنها تحتوي على إشعاعات ضارة تسبب أمراض سرطانية للمواطنين .
