• اخر الاخبار

    انَا لَسْتَ بَطَلَ الْحِكَايَةِ انَا مُجَرَّدُ شَاهِدٍ عَلَى الْأَحْدَاثِ .

    بقلم : زهراء علي المطورين

     فِي احْدِ الْايَامِ جَاءَ إِلَى قَرْيَتِنَا رَجُلٌ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ , وَقَدْ اسْتَأْجَرَ الْدار الْقَرِيبَة مِنْ دَارِنَا . كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ غَرِيبَ الشَّكْلِ وَالطِّبَاع , طَوِيلَ الْقَامَةِ وَ ذِرَاعَاهُ طَوِيلَتَانِ وَنَحيلٌ جِدًّا , وَلَنْ أَنْسَى عَيْنَيه الشَّاحِبَتَين , وَوَجْهُهُ الَّذِي تَبْدُو عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الْخَوْفِ ,أَمَّا عَنْ طَبْعِهِ فَكَانَ لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا قَلِيلًا , وَلَا يُخَالِطُ أَحَدًا , يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ وَيَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ عَنْ بُعْدِ نَظْرَة يتمنى الِاقْتِرَابَ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُ يَخْشَى الِاقْتِرَابَ , وَكَأَنَّهُ يُحِبُّ الْعزلة وَيَخْشَاهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ , وَسُكَّانُ الْقَرْيَةِ لَمْ يُفَكِّرُوا بِالِاقْتِرَابِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ مُجَالَسَتِهِ , وَلَمْ يُعيِّرُوا أَهَمِّيَّةً حَتَّى للِسَبَبِ الَّذِي جَعَلَهُ يَعِيشُ حَيَاتَهُ هَكَذَا , وَكَانُوا يَتَظَاهَرُونَ بِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ عِنْدَمَا يَمُرُّ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ , وَلَا يَنْتَبِهُونَ لِوُجُودِهِ , وَلَا حَتَّى يَلْقَوْنَ التَّحِيَّةَ عَلَيْهِ , وَاذَا نَظَرُوا لَهُ كَانَتْ نَظَرَاتُهُمْ مَلِيئَةً بِالِاسْتِهْزَاءِ . وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ تَمَّ سَرِقَةُ دَارِ احْدِ الْأَطِبَّاءِ فِي الْقَرْيَةِ وَاجْمَعْ السُّكَّانَ عَلَى أن  الْفَاعِلِ هُوَ( (ادْوَارْدْ )) الرَّجُلُ غرِيبُ الْأَطْوَارِ , وَذَهَبُوا إِلَى دَارِ ذَلِكَ الرَّجُلِ , وَأَخَذُوا يَلْقَونَ الْحِجَارَةَ عَلَى النَّوَافِذِ , وَيُنَادُوه أَظْهَرَ نَفْسَكَ ايَهَا الرَّجُلُ الْمَجْنُونَ السَّارِقَ , وَبَقِيَ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ ثَلَاثَة ايَّامٍ من دُونَ أَنْ يَخْرُجَ وَهُمْ يُكَرِّرُونَ فِعَلَتَهُمْ  دُونَ أَنْ يُتِيحُوا لَهُ الْفُرْصَةَ لِلدِفَاع عن  نَفْسِهِ وَرَدَّ التُّهْمَةَ عَنْهُ , حَتَّى تم العثور  على السَّارِقِينَ وَهُمْ يُحَاوِلُونَ اقْتِحَامَ مَنْزِلِ زَعِيمِ الْقَرْيَةِ , وَاعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ مَنْ قَامَ بِكُلِّ السَّرِقَاتِ الَّتِي حَدَثَتْ في الْقَرْيَة ,  وَالْغَرِيب أَنَّ سُكَّانَ الْقَرْيَةِ لَمْ يَعْتَذِرُوا لِذَلِكَ الشَّخْصِ عَمَا فَعَلُوهُ بِهِ . وَعَاشَ الرَّجُلُ فِي قَرْيَتِنَا عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَمَا زَالَ غَرِيبًا .كَانَ إِذَا خَرَجَ لِلصَّيْدِ يُقَابِلُهُ سُكَّانُ الْقَرْيَةِ بِكَلِمَاتٍ جَارِحَةٍ, وَسُخْرِيَةٍ حَادَّةٍ , وَيُلَقِّبُوهُ بِالَاحْمَقِ, بَلْ وَحَتَّى بَاتُوا يخيفون أَوْلَادَهُمْ بِهِ, وَيُصَوِّرُوهُ لَهُمْ عَلَى أَنَّهُ وَحْشٌ وَسَيَقُومُ بِافْتِرَاسِهِمُ اذَا مَا اقْتَرَبُوا مِنْهُ ,بَلْ وَكَانُوا يَنْسُبُونَ كُلَّ الِاحْدَاثِ السَّيِّئَةِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي قَرْيَتِنَا إِلَيْهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ جَلَبَ اللَّعْنَةَ مَعَهُ الِيَّ قَرْيَتَنَا .وَفِي أَحْدَى لَيَالِي الشِّتَاءِ الْمُمْطِرَةِ تَمَّ الْعُثُورُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ مَقْتُولًا فِي دَارِهِ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَنْ  هُوَ قَاتِلُهُ .

    العبرة من القصة

     (( قَدْ يَكُونُ مِنْ صُوَرِهِمْ لَنَا مُجْتَمَعُنَا عَلَى أَنَّهُمْ وُحُوشٌ هُمُ الْمَظْلُومون وَقَدْ يَتَنَكَّرُ الْمُجْرِمُونَ بِاقْنَعَةِ الْبَرَاءَةِ فَلَا تُخْدَعُ .))
    ad728