شعلة أمل...... بقلم : زينب محمود حسن
(مسابقة قصصية تحت إشراف الست نورالهدى)
اصحو كل يوم بقلقٍ مرتبك وأنا أنظر الى جسدي المرتعش الذي يصبح نحيلاً يوماً بعد يوم ذلك المرض الذي لطالما دعوت الله ليخلصني منه، كنتُ أتمنى أن يجد الطبيب علة ما في جسدي كي يزيل الألم عني بعقاقير طبية، لازمني هذا المرض حين كنتُ طفلةً صغيرة ً والآن في مرحلة المراهقة
كنتُ أرى أخوتي وهم يلعبون بحريةٍ تامةٍ وهم متجمعين حول والداي لبناء غرفةٍ جديدةٍ لنا دنوتُ منهم نادني والدي -تعالي يا زينب، إلا تودين مساعدتي؟
-ناوليني بعض الطابوق يا أبنتي.
حملت طابوقتين لأناولهما لأبي، حينها شعرتُ بسعادةٍ كبيرةٍ، أعطيته عدداً من الطابوق ثم عدتُ لأحمل المزيد عندئذٍ رأيتُ مكينة لقص ألواح الجرانيت، فكرتُ أن أحملها خشيةً أن يحملها والدي ويتأذى، وما أن بدأتُ بسحبها حتى أتتْ أمي انهالت عليَّ بالصراخ قائلةً لي:
-من الآن فصاعداً أنا لستُ أمكِ؛ لإنكِ لم تأخذي بكلامي وقمتِ بسحب تلك المكينة الثقيلة.
حل المساء دبّ في جسدي ألم فظيع، كل جزء فيه يؤلمني ابتداءً من رقبتي إلى قدمي، كانت أمي تنظر وهي تتألم
اتجهتُ صوبها وأنا ارتعش، اعتذرتُ لها طالبةً منها أن تأخذني إلى المشفى، وما أن وصلنا إلى المشفى تحدث والدي إلى الطبيب بحالتي منذ الصغر ، أجرى لي الطبيب بعض الفحوصات والتي تبين من خلالها أني أعاني من ثلاثة كسور في فقرات الرقبة ثم أردف قائلاً ستُجرى لكِ عملية كبرى خارج العراق، اختلط شعوري حينها ما بين الخوف والفرح عدنا إلى المنزل أخبر أبي الأهل والأقارب بإننا سنتوجه بعد ثلاثةِ أيام إلى الهند لإجراء العملية، جاء اليوم الموعود توجهنا إلى المطار بعد توديع الأهل والأصدقاء،
ركبنا الطائرة كان كل شيء فيها مبهر، وصلنا إلى نيودلهي بعد عناء السفر اتجهنا إلى المشفى قمتُ بإجراء فحوصات مجدداً تم تحديد موعد للعملية يوم الخميس من الشهر الجاري، الساعة التاسعة صباحاً، كنتُ فرحة جداً وأخيراً سأتخلصُ من مرضي حان موعد العملية عانقتُ أبي وأمي بشدةٍ لربما أنها المرة الأخيرة التي أرهم فيها، ارتجفتُ خوفاً من تفكيري هذا ، قاموا بتهدئتي مع الطاقم الطبي
دخلتُ إلى صالة العمليات، دقائقٌ قصيرةٌ لم أعد أشعر بشيء حتى في تنفسي، استغرقت العملية ستُ ساعاتٍ
بعد مرحلة الإفاقة من التخدير شعرتُ بثقل العالم كله في جسدي لم استطع تحريكه، نُقلتُ إلى غرفة أخرى تحت المراقبة إلى ان استفقتُ بالكامل، رغم مسكنات الألم التي اُعطيت لي إلا أنني كنتُ أصرخُ من شدة الألم، مرتْ عدة أيام وأنا لازلتُ في المشفى وقع لي الطبيب بالخروج، استأجر أبي فندقاً قريباً من المشفى، بقينا عدة أيام في الفندق ثم عدنا لإستكمال مرحلة العلاج الطبيعي، استرددتُ جزءاً من عافيتي، عدنا إلى العراق مجدداً نوينا زيارة الأمامين الحسين (ع) وأخيه أبا الفضل (ع) قبل ذهابنا إلى منزلنا في محافظة البصرة، وما أن أكملنا الزيارة
رجعنا إلى منزلنا برفقة أبن عمي، استقبلاني أخَوّي محمد وعلي يعانقاني ويقبلاني، مرتْ الأشهر وبدأتُ استردُ عافيتي شيئاً فشيئاً.
إلى ملجئي وملاذي، إلى من تحمل كل لحظة ألم في حياتي وحولها إلى فرحٍ (أبي)، إلى من ساندتني يوم ضعفي، إلى من ذرفتْ الدموع لأجلي إلى دفء حياتي (أمي) .