الموعد الحق..بقلم الصحفي .غالب خزعل
تصاعدت حدة الحوار بينهم حول خروج كبيرهم محاولين ثني إرادته وإحباط عزيمته . وكلما أراد إقناعهم ازدادوا تمسكن به أن لا يخرج ووصل ألأمر إلى التهديد لم يبق لديه إلا السياسة وإقناعهم بالعدول عن رأيه حفاظا على وحدة جمعهم , لكنه ضم سره في نفسه وأنتظر إدبار النهار وإقبال الليل الذي هو أحسن ساترا له . احتدام الجدل وتعالي الأصوات بين الجماعة كانوا على مقربة من شخص راح يقلب دفاتر الزمن العتيقة فلمح بصره على صفحات مشرقة لرجل مسن كبير يعرف مايؤول إليه مصيره ويعرف مستقره بعد موته . نعم إن الجنة تنتظره وهو على موعد معها كما وعد بها رسول الله محمد صل الله عليه واله وسلم.
فقال لغلامه يابني امتطي فرسي بحلول الظلام وانتظرني في اطراف الحي عند نهاية البستان وأتخفى بين بساتين النخيل فإن هناك من ينتظرني .
لقد أقبل الليل وأقبلت معه بشرى حسن الخاتمة ألا وهي الشهادة في سبيل الله وإعلاء كلمته مع ثلة طيبة من أهل بيت الرسول الكريم , تأخر عن غلامه قليل بعد حوار مع زوجته التي أرادت أن تصحبه لتكون معه بالجنة ولم يفرغ منها إلا بعد أن وعدها بمرافقته بالجنة . سار في الليل المظلم بين البساتين وما أن يسمع صوتا فيحبس أنفاسه وبالكاد وصل إلى نهاية البستان سمع غلامه يخاطب الفرس بقوله أن لم يأت سيدي فسأمتطيك وأذهب إلى نصرة سيدي ومولاي الإمام الحسين عليه السلام مما جعل السيد يلقي بنفسه ببركة طين أسفا على تأخره ومحدثا نفسه هذا الغلام يفتدي ابن رسول الله وأنا الذي وعدني رسول الله بالجنة أتخلف بالها من سوء عاقبة , ثم يقول لا .. لا .. لا .. أنه وعد رسول الله ولايمكن للرسول أن يخطىء انه الموعد الحق .
هنا في أرض الطف يتساءلون عن ذلك الرجل الذي طال إنتظاره فلم تبق إلا سويعات لانبلاج الفجر لتعلو كلمة الله أكبر ويتسابق الفتية والكهول والشيوخ نحو الجنة بثات وعزيمة ليس في إي جيش سبق أو لحق فهؤلاء من خير ألأصحاب وأفضل الأنصار أخلص المخلصين كما وصفهم قائدهم الإمام الحسين عليه السلام (لم أعرف أصحابا خير من أصحابي , ولا أهل بيت أوفى من أهل بيتي ) الكل في أرض الطف يحيون الليل بتلاوة القران والصلاة والذكر من أجل الاستعداد لتضحية غدا فذاك زهير يرتدي أجمل بزة حربه وهذا برير يتلو أية من كتاب الله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }البقرة91وهم مابين راكعا وساجد رفرت راية ذاك الصحابي حبيب بن مظاهر الذي رفض الاستقبال حتى يعتذر من الإمام الحسين عليه السلام لأنه تأخر فتسبب بقلق بنات الرسالة خاصة عقيلة الهاشمين زينب عليها السلام الذي طأطأ رأسه خجلا منها وبوصول حبيب أكتمل العدد والعدة لمواجهة الطغاة في إطلالة صباح يوم غد بوجوه مستبشرة راضية بقضاء الله وقدره كأن الآيات وصفتهم من قبل {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ }الغاشية8{لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ }الغاشية9{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ }الغاشية10{لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً }الغاشية11{فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ }الغاشية12 فتحدث حبيب عن وعد رسول له في نصرة ولده الإمام الحسين عليه السلام وكيف كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لان موعده الجنة التي كان يتمناها مع الرسول إلا أنه كان مدخرا لنصرة الإمام أبي عبدالله ليكون شاهدا ودليلا على القوم الذين يقاتلونه ليس عن دين أو حق إنما يقاتلونه بغضا لأبيه كما أعلنوها في ساحة المعركة إذ وقف حبيب في يوم الطف مناديا على القوم الضالين بعد أنا صاحب رسول الله وسمعت منه كثيرا بشأن الإمام الحسين عليه السلام ومنها (أحب الله من أحب حسينا ) ( والحسن والحسين إمامان إن قاما أو قعدا ) ( وحسيني مني وأنا من حسين) لكن قلوب القوم أشد قسوة من الحجارة ووجوهم {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ }عبس41فحبيب نعم الصاحب لرسوله الله ونعم الناصر للإمام الحسين عليه السلام الذي صدق موعد الحق ودافع عنه ونفذ الضالون ما وعد به رسول حين قال له ان القوم يعلقون رأسك على حياد الخيول ويطوفون فيها أزقة المدينة فكان موعد الحق ..