اغتيال حرية التعبير في العراق
خضر دوملي
تتراجع الحريات، يقتل الصحفيين، وإلقاء القبض على الناشطين، منع التظاهرات، منع التغطيات والتصوير، منع النقد السياسي او السلوك الاداري، وصولا الى منع عرض مسلسلات ما، فضلا عن ارتفاع الاصوات المنددة من التضييق على الحريات وتصدر التشريعات بمنع المحتوى الذي يحقق التغيير.
حرية التعبير في العراق تمر بأسوأ حالاتها خلال السنوات الاخيرة، ومسلسل تراجعها لم يتوقف، كما ان عمليات أغتيال حرية التعبير مستمرة وتشهد التنوع والابداعات فيها، ناهيك عن منع الصحفيين من اللقاء بهم او الحديث عنهم، وقرارات حكومية غير مدروسة، يمكن أعتبارها طائشة تستهدف حرية التعبير عن قصد ودون قصد.
وفي وقت يتجه العالم الى توسيع خدمات الانترنيت والتواصل والتفاعل، تنتشر القرارت والتعليمات بمحاربة ومواجهة الفاعلين على منصات السوشيال ميديا في العراق، كقرار منع المحتوى الهابط، ومن خلاله يتم التسقيط وتشويه السمعة بحجة نشرهم لمحتوى هابط واطلاق احكام تعسفية لم تحصل سابقا.
اغلب دول العالم تنظم قوانين خاصة تتلائم والتطور التكنولوجي لتنظيم حرية التعبير، اما في العراق يقومون بتنظيم التعليمات التي تساهم في أطلاق الرصاصات المجنونة على حرية التعبير دون أن يعرفوا تاثيراتها المستقبلية.
ان توسع أدوات العمل الصحفي وخاصة التقنيات الرقمية والصحافة عبر الانترنيت، ومنصات السوشيال ميديا، تشكل ظاهرة عالمية لتتفق اغلب الدول التي تؤمن بحرية التعبير وأهمية العمل الصحفي المهني، على ان هناك ضرورة لتنظيم هذا القطاع المهم، وذات التاثير الابرز والاكبر على حياة الناس بشكل عام، نتيجة الاستخدام الواسع لوسائل الاعلام وخاصة السوشيال ميديا من قبل مختلف فئات المجتمع بحيث بات كل مواطن يشعر نفسه بأنه صحفي وله الحق في نشر الاخبار والمعلومات.
محاولات أغتيال حرية التعبير في العراق في أوجها وهناك تدخل صارخ وصل الحد الى التدخل حتى في نوعية الدراسات وبحوث التخرج وبحوث الماجستر من قبل البعض الذي يفرض نفسه وتوجهاته وأرائه حتى على عنوان الرسالة.
أنه أغتيال صارخ في وضح النهار، لكي يفكر الناس بالطريقة التي يريدها المتسلط، ولهذا يدفعون الى التراجع خطوات الى الخلف، بدلا من التفكير كيف نكون أفضل في الغد القريب !!
في عموم المعمورة يعتبر مستوى حرية التعبير مؤشر نجاح او فشل الديمقراطية، وضمانة لمبادئ حقوق الانسان، فتظهر نداءات من رجال دين وسياسيين لمنع هذا الامر وتحريم ذاك الفعل والحكومة تتفرج.
وصل محاربة حرية التعبير والتفكير الى أوجه في الاشهر القليلة الماضية – محاربة ظهور المسلسلات – غلق المواقع – منع الدراما – منع التعليقات – في اي زمن نحن يتم توقيف اشخاص فاعلين عدة ايام في مخافر الشرطة على كتابة تعليق في الفيسبوك؟
تراجع حرية التعبير يعكس اثاره السلبية على الوضع العام وعلى سياسة الحكومة الجديدة في محاربة الفساد وتعزيز النزاهة ومراقبة أداء الحكومة، كما ان التراجع او الخوف في تنفيذ التقارير والتحقيقات الاستقصائية يجعل البلد ضعيفا امام محاربة الفساد بشكل عام، ثم تتوسع أثاره الى عامة الناس.
الوضع العام لحرية التعبير وتراجع قوة وقدرة نقابة الصحفيين، وجمعيات العمل الصحفي على تنفيذ اجندات عملها وفق الاسس المهنية، يؤشر تاثير الفكر الراديكالي المحافظ الذي يخاف من حرية الصحافة، مما يعزز قدرة النظام الديمقراطي للمضي قدما في تعزيز حرية الراي والتعبير وفق المعايير والمبادىء العالمية، بدأ من المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وصولا الى مواثيق العمل الصحفي، واخرها تقرير اليونسكو (( عن الاتجاهات العالميّة في حرية التعبير وتنمية وسائل الإعلام: تقرير عالمي 2021/2022، أدلة مروعة على أنَّه لم يعد بالإمكان اعتبار الصحافة من المسلمات، ويشير التقرير إلى الإجراءات التي يتعين على المجتمع العالمي اتخاذها على وجه السرعة من أجل حماية وتعزيز حرية الصحافة وانتفاع الجمهور بوسائل إعلام إخبارية حرة ومستقلة وتعددية)).
ان السلطات الحكومية في اصغر بلدة او اصغر مؤسسة وصولا الى أعلاها عليها معرفة ان الصحافة هي خدمة عامة عليهم مسؤولية حمياتها وتنميتها ودعم ادوات واليات الوصول الى المعلومات وتداولها وليس التضييق على حرية التعبير.