بروح جهادية رفضت الظلم وحاربت الدكتاتورية...
الكاتبة الاعلامية
د. مها محمد الزركاني..
للذكرى السنوية الـ 26 التي تحل في الرابع من ذي القعدة لاستشهاد المرجع الديني آية الله العظمى السيد مُحمّد بن مُحمّد صادق بن محمد مهدي بن إسماعيل الصدر ونجليه قدس الله أسرارهم على يد الأجهزة القمعية التابعة للنظام البائد
ولد السيد الصدر في مدينة الكاظمية المقدسة في 23 آذار العام 1943 من أسرة آل الصدر العربية العلمية الدينية العريقة ترعرع في أجواء العلم وحفظ القرآن والدراسة الحوزوية في النجف الأشرف، عُرِفَ بتحديه للأنظمة الحاكمة ومقارعتها، وتجلى هذا التحدي بإقامته (قدس سره) صلاة الجمعة وتصديه بنفسه لإمامتها في مسجد الكوفة، وتعميم إقامتها بمختلف المحافظات، واتخذ من هذه الحركة الفريدة والنوعية منبراً لتوعية أبناء الأمة وكذلك لإشهار سخطه من السياسة المحلية والدولية.
في الوقت الذي كانت به الحكومة في العراق تمنع التجمعات الدينية وبالأخص بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وخوف النظام السابق من الشيعة في العراق بالقيام بثورة مسلحة بقيادة رجال الدين واقامة دولة إسلامية في العراق وفي هذا الظرف الحرج بادر الشهيد الصدر الثاني وهو لابس كفنه لإقامة صلاة الجمعة التي أفتى بوجوبها التعييني، حيث اعتبر صلاة الجمعة هي الوسيلة الراجحة في إيقاظ الأمة، وبثّ فيها روح الشجاعة والثقة بالنفس بإمكانية التغيير وعدم القبول بالواقع الذي هم فيه مهما كانت الطريقة التي يحكم بها النظام في ذلك الوقت
وقد وفق السيد الصدر في ذلك الأمر بسبب عدّة عوامل، منها:
إعلان الحكومة العراقية أنها بصدد حملة إيمانية وطنية، فاستغل الشهيد الصدر هذه الأجواء لإقامة صلاة الجمعة، التي كان يقيمها أهل السنة في عموم العراق، وعلى هذا الأساس فإن الحكومة لا يمكن أن تمنع صلاة هي كانت قد شجعت على أداءها.
وان صلاة الجمعة كانت دينية ولم تكن سياسية، ومنع هكذا صلاة يتعارض مع ما تدعو إليه الحكومة من حملتها الإيمانية المزعومة.
كذلك تمتاز فريضة صلاة الجمعة بوجود خطبتين لا تصح الصلاة من دونهم، وهذا العامل قد ساعد الشهيد الصدر أن يتواصل مع الناس بشكل مباشر مما له الدور في قيادة حركة دينية إصلاحية شاملة حيث كانت تعالج كل حالات الانحراف في المجتمع العراقي
وأن" السيد الشهيد واجه سلطة كانت تتعامل بالنار والتعذيب ضد معارضيها وبرز في وسط ذلك وحاول تحرير العراقيين من ذل النظام البائد ومواجهته واسترداد الحرية مؤكداً أن" السيد الشهيد أعاد للشعب العراقي شجاعته بأن يقف بعنفوان أمام نظام الطاغية الذي منع شعائر الإمام الحسين عليه السلام، حيث كسرها السيد الشهيد وأعاد اللحمة للشعب العراقي
وشارك السيد الصدر في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضد النظام الصدامي وسرعان ما تم اعتقاله من قبل عناصر الأمن إذ تعرض جسده الطاهر إلى أبشع أنواع التعذيب.
وفي عام 1993 وبعد وفاة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري، سعى السيد الصدر للحفاظ على الحوزة العلمية في النجف الأشرف فقام بخطوات عديدة أهمها إرسال المبلغين إلى أنحاء العراق كافة لتلبية حاجات المجتمع.
وبسبب دعواته الإصلاحية وجرأته أصبح السيد الصدر مصدر إلهام روحي لأغلب العراقيين لاسيما الشباب، الأمر الذي جعل النظام البعثي يشعر بخطورة السيد الصدر على بقائه، الذي وضع بصمة في ضمير الأمة ونقش على جبينها كلماته الثلاث المشهور( كلا كلا أميركا.. كلا كلا إسرائيل.. كلا كلا للشيطان)
وفي يوم الجمعة الرابع من ذي القعدة الموافق التاسع عشر من شباط عام 1999 تعرض السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر لعملية ملاحقة من قبل سيارة مجهولة بعد خروجه من الصحن الحيدري الشريف باتجاه منزله في منطقة الحنانة برفقة نجليه السيدين الشهيدين مؤمل ومصطفى، وأُطلق النار على السيارة التي كان يستقلها مع نجليه وسرعان ما اصطدمت العجلة بشجرة قريبة، فترجل المهاجمون من سيارتهم وبدأوا بإطلاق النار بكثافة على السيد الصدر ونجليه فاستشهد السيد مؤمل فورا، أما السيد محمد محمد صادق الصدر فقد تلقى جسده الطاهر رصاصات عدة، ولكنه بقي على قيد الحياة، وعند نقله إلى المستشفى تم قتله برصاصة بالرأس من قبل أزلام النظام المباد، أما السيد مصطفى فأصيب بجروح ونقل إلى المستشفى وتوفي هناك متأثراً بجروحه
وعلى إثر انتشار خبر استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر شهدت مناطق جنوب العراق ومدن عديدة في العاصمة بغداد، غضباً شعبياً عارماً عرف بانتفاضة الصدر 1999 والتي قاومها النظام البعثي وأجهزته بالقتل والاعتقالات والمطاردات
فالسلام عليك ايها الشهيد الصدر يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا، والسلام على نجليك الطاهرين وعلى شهداء العراق الأبطال الذين استشهدوا وهم يدافعوا عن الارض والمقدسات والقيم الاسلامية السمحاء.