رحلتي من الألم إلى الحكمة: اكتشاف الذات وسط الخيبات
رباب طلال مدلول
بعد أيام طويلة من الوحدة القاسية، وتجارب أبكتني وأرعبتني، تلك التي جعلتني أكره نفسي وكل ما حولي، حتى وصلت إلى حالة من القلق الشديد، اكتشفت حقيقة لم أكن على علم بها من قبل. أدركت أنني فتاة ذكية وفطنة، لا يمكن لأحد مجاراة حديثي، لأنني أتكلم بصراحة مطلقة وصدق لا يعرف المجاملة. أدركت أنني عميقة بما فيه الكفاية، إلى حد أن البعض يخشى الاقتراب من أعماقي.
كل تلك الأيام الصعبة والمواقف المؤلمة لم تكن سوى اختبارات لصدق من حولي، وقد تساقطت الأقنعة واحدًا تلو الآخر، ليظهر الجميع على حقيقتهم. أما من اجتاز هذا الاختبار بنجاح، فهم أولئك الذين أُتيحت لهم الفرصة لاستغلالي لكنهم لم يفعلوا، الذين قالوا لي: "أنتِ أرقى من هذا"، وأخبروني أن بداخلي روحًا نقية، وأنني جوهرة ثمينة قد يضحي أحدهم بنفسه للحصول عليها، ولن يعرف قيمتي إلا من تجرأ على الغوص في أعماق روحي المظلمة.
الآن، أدركت أنه لا سند لي سوى الخالق العظيم، ثم نفسي، ثم عدد قليل من الأحبة الصادقين. هؤلاء فقط من يمكنهم إنقاذي من أعماق روحي المظلمة، وإيصالي إلى شاطئ الأمان بجوار أرواحهم النقية.
ورغم الخيبات المؤلمة، أشعر الآن بالراحة. فقد عرفت من هم أحبتي الحقيقيون. هذه الخيبات لم تكن عبثًا، بل كانت لها فائدة عظيمة، لكن الأمر يتطلب بعض الوقت والذكاء لاستيعاب ذلك وقبوله. في النهاية، يجب أن ندرك أنه لا توجد اختيارات أفضل من تلك التي يختارها الله لنا، فهو العليم الحكيم.
قال الله تعالى: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ شَرٌّۭ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
فلنردد دائمًا: "اللهم لا ضياع ولا اختيارات خاطئة ولا طرق تؤدي إلى الهلاك، اللهم دلني وخذ بيدي وأرح قلبي براحة تغنيني عن تعب الحياة وخيباتها، إنك على كل شيء قدير."
هذا النص يجسد رحلة من الألم إلى الحكمة، ويعكس الفهم بأن كل شيء يحدث لسبب، حتى تلك الخيبات التي قد تبدو بلا معنى.