• اخر الاخبار

    حول أبعاد التصريحات البابوية ضد الصين

     




    في كلمة للبابا الفاتيكان مؤخراً اتهم فيها الصين اضطهاد الاديان الاخرى المنتشرة في عموم البلاد مما عده البعض من المراقبين تحريضاً ضد حكومة الصين لصالح امريكا وكتب الكاتب الاردني الاكاديمي مروان سوداح مقالاً نشرته شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية رداً على ما ورد في خطاب البابا . 

    وتنشر الوكالة نص كلمة حسب مانشرتها الشبكة.

    الأكاديمي مروان سوداح*

    *رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.

     (وضع بابا الفاتيكان أتباع الأديان المختلفة في الصين في خانة “المضطهَدين”! ففي مختلف تصريحاته وضمنها الأخيرة، وفي كتابه الجديد، نراه يُطلق إدعاءات بحق الصين تنافي الحقيقة. 

     نظرة فاحصة على تلاحق تصريحات “البابا”، ومنها الأخيرة بالذات، تدل على تساوقِها مع تصريحات مُمَاثِلة ينشرها “الدالاي لاما”، الذي يعمل في صالح أجهزة متآمرة على الصين، ويتضامن ويُنسّق مع المتآمرة على وطنها الصين، المتطرفة الهاربة من الصين، ربيعة قدير، وقوى أخرى مفضوحة. 

     التصريحات البابوية المختلفة بحق الصين، لا تدخل ضمن مبادىء الإيمان المسيحي ورسالة السيد المسيح السلمية للبشرية، بل تضع نفسها في موقف الضد من المبادىء المسيحية وجمهور كبير من المسيحيين المسيَسين والواعين والمتحررين من الهيمنة السياسية التي يحاول البابا ممارستها على المؤمنين المسيحيين، من خلال روافع عديدة أولها دينية، وثانيها إعلامية، وثالثها معنوية، ورابعها وليس آخرها تنسيقات مختلفة مع قوى ظلامية كارهة للصين، فقد سبق للفاتيكان التحالف مع الفاشية الإيطالية التي تضامنت بقوة مع النازية الألمانية الهتلرية لقتل الشعوب وسَبيها إلى معسكرات الاعتقال والموت، وتسخيرها في خدمة الرايخ الألماني وتطلعاته الدولية للهيمنة الشاملة ومصالح ضيقة أخرى، وهو ما أنتج تأسيس دولة باسم الفاتيكان، ومنحها استقلالية القرار الديني والسياسي على الأرض الإيطالية في روما؛ وثانيها تمتعها بسيادة على المؤمنين الكاثوليك في كل العالم، دون مساءلة من أي جهة على قراراته بحقهم وبغض النظر عن موافقتهم عليها أو رفضهم لها، فقرارات الفاتيكان، كما علمونا في المدارس، تُعتبر أوامر إلهية مقدّسة ومنزّهةً عن الخطأ والخطيئة!

     تصريحات الفاتيكان العلنية ضد الصين والتي اطلعنا عليها، تكشف عن نهج محدد وخطير في مواجهة بكين، فهي تغض النظر بل ولا تأخذ بعين الاعتبار نفاذ الصين في العالم حضارياً وثقافياً وعلمياً، وتقف موقف الضد لدور بكين في النهوض بالبشرية في حقول كثيرة. التصريحات البابوية المُشوِهَة للوقائع الصينية، هي في حد ذاتها – وبرأي الكثيرين من المتخصصين الوازنين وبيوت الخبرة في الشؤون الدولية، وبرأي سياسيين عديدين أيضاً، تُعتبر تحركاً في الظلام للنيل من الدولة الصينية العريقة وذات السيادة، وبدايةً لحرب عليها ترتدي لبوُسَاً دينية، وستفرز – إن تواصلت وتلاحقت – انعكاسات سلبية جداً على المؤمنين أنفسهم، وعلى تلك السياسات الدولية التي تعمل على أجندة تبريد الأزمات الحارة المتلاحقة التي يشهدها العالم وتهدد مصيره. تصريحات البابا التي تشوه الواقع الصيني ليست سوى تسخين للأوضاع السياسية العالمية لجرّ الجهات الأرضية الأربع إلى مواجهات لا تمت للانسانية والتحضّر بأية صِلة، والعالم ليس في حاجة إليها لا الآن وليس في المستقبل القريب والبعيد. 

     في الموضوع ذاته، نؤيد تصريحات المتحدث باسم حكومة منطقة شينجيانغ الصينية الويغورية ذاتية الحكم، إليجان عنايت، الذي رد في مؤتمر صحفي أخير على إدعاءات البابا الذي نشر كتاباً، وصف فيه الويغور بـ”المضطهدين”، بأنها تصريحات لا تقوم على الحقائق والدلائل.

     الدستور الصيني والقوانين الصينية تمنح المؤمنين حرية في إيمانهم الديني. وفي جهة موازية، تحفظ الدولة لمؤسساتها وللشعب توجهاتهم المشروعة في الإيمان الديني وعدم الإيمان، فللجميع حرية كاملة ضمن القانون الذي يؤكد مساواة الجميع أمام بنوده، بغض النظر عن مكانتهم الدينية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وهو أمر معمول به في دول العالم قاطبة، فلا يوجد دولة تحترم نفسها وشعبها يمكن أن تضع مصيرها في يد رجل أجنبي أو في قرار دولة تقع في قارة أخرى، لتتدخل في شؤونها الداخلية وتعبث بها وبواقعها ومستقبلها. 

     للصين ملء الحق في أن ترفض أن يكون للفاتيكان أو لغيره من الدول والجهات، حقوق السيادة على أرض الدولة الصينية في أي مجال مدني، أو قي فرض قرارات دينية على المؤمنين في الصين، أو في محاولات إتباعهم للفاتيكان كمركز قيادي لهم، أو لغيره، فالفاتيكان والدول الأخرى تقوم خارج نطاق الحدود الصينية، وبالتالي لا يَحق لها مطلقاً نشر سلطتها لا في الصين ولا في غيرها من الدول.  

     في الصين تَحيا وتُنتج وتُبدع بمساواةٍ دستورية 56 قومية، تُشكّل الأمة الصينية الواحد والشعب الصيني الواحد والموحَّد وغير المُنقسم، والعديد من أفراد هذه القوميات يعتنقون أدياناً مختلفة، ولا يحق لأية دولة – كانت مَن كانت – الادّعاء بممارسة سلطتها عليهم، أو سعيها نحو هذا الهدف الذي يرفضه المنطق، وتستنكره كل القوانين الدولية وتقف موقف المعارضة منه، وقد كان لكاتب هذه السطور، وخلال عشرات السنين، زيارات متتالية ولا عدَّ ولا إحصاء لها إلى الكنائس والمواقع المسيحية، والمساجد الإسلامية، والمعابد البوذية، والمؤسسات والمدارس الدينية المختلفة في الصين، وقد شعرت في كل موقع ديني تواجدت فيه، بوحدة المؤمنين وتضامنهم مع دولتهم وشعبهم، وانصهارهم المتأصل فيهما، ولمست في قلوبهم وعقولهم مشاعر التناغم والتضامن الجماعي لخدمة وطنهم وبلادهم وتنميتها وتعظيم دورها وتطورها، لأن في ذلك تطوّر وتعظيم لمكانتها ومكانتهم هم أيضاً في كل الفضاءات.

     وبشأن شعب الويغور، فهو جزء من الأمة الصينية الواحدة، وهو يَنعم بحقوق متساوية، فالدستور الصيني وقانون الحكم الذاتي القومي الإقليمي، ينصان على أن جميع المجموعات القومية في الصين متساوية، وأن الدولة تحمي المصالح والحقوق القانونية للأقليات القومية.

     متابعة تصريحات البابا تكشف عن تناغمها وتماثلها الشامل مع مصادر غربية سياسية الهوى تحديداً. جميع هذه الجهات تصب تصريحاتها المُضَلِلة في خانة واحدة، وصوب هدف واحد مستتر يرمي إلى التخلص من الدولة الشعبية والإشتراكية الصينية، رغبةً من خصوم وأعداء الصين في “فتح!” أبوابها أمام النهب الغربي وهيمنته السياسية وبالتالي العسكرية، وهو بالطبع ما لم ولن يحدث إطلاقاً، فلن تتكرر مآساة البيريسترويكا التآمرية السوفييتية في جمهورية الصين الشعبية، ولن يَسعد الفاتيكان ولا غيره “من أصدقائه”، برؤية الصين مدمرة، ولن يشهد لا الآن وفي في المستقبل فرض سيطرته على الدولة الصينية وشعبها، مهما بلغ مبلغ وهوى التصريحات الفاتيكانية ومراميها الخطيرة.

     الهجمة التي تتعرض الصين إليها تعني أن هنالك تناغماً سياسياً تآمرياً على الصين في عواصم غربية محددة، محورها كما يبدو العم سام، ويتم تعميمها على هيئات دينية أجنبية، تنسّق جماعياً للوصول إلى تحقيق هدف رئيسي هو كما يبدو للعيان، إلحاق تشويه بسمعة الصين في العالم، في زمن نشهد فيها تحقيق الصين نجاحات مذهلة تفوق التوقّع وتفوق نجاحات الغرب برمته في حقول ليس أولها الاقتصاد، والتكنولوجيا، غزو الفضاء و “استصلاحه”، وليس آخرها تحقيق انتصارات في انتاج لقاحات فاعلة لاجتثاث فيروس كورونا، والقضاء عليه لتخليص البشرية منه، وتوقيع الصين لاتفاقيات مع دول عديدة لاستخدامه في إنقاذ مواطنيها والبشرية من هذا الفيروس اللعين، الذي يجب أن يدفع بجميع المؤمنين للتضامن للتخلص منه.

     لماذا يصب البابا حمم غضبه على الصين، في حين يصمت صمت القبور عن مشروعات متلاحقة ولا تتوقف تحقّق للصين ولمناطق الإيغور بالذات، نجاحات متواصلة في القضاء النهائي على الفقر، الذي تم استئصاله واقعاً في المناطق الريفية الفقيرة، وفي توفير التأمين الصحي المجاني لقطعات هائلة من أفراد المجتمع الصيني، ولا سيّما لأبناء القوميات الصغيرة العدد والبعيدة جغرافياً عن بكين، وفي رفع المستوى الثقافي والتعليمي للصينيين (بالمجان)، وتخليق التوظيفات المتلاحقة لتأمين مئات ملايين المواطنين الصينيين بأشغال وأعمال ومِهن مناسبة لهم، وتطوير حقوقهم ليتمتعوا بإجازات ضامنة لحصولهم على عطلات توفّر الراحة لهم، وأخرى تضمن مستقبلهم الآمن وكيانهم الانساني في المجتمع الصيني، الذي يَشهد على إنهاض الدولة الصينية لمستويات الأماكن التي كانت تتسم بالفقر، والتي غدت بفضل السياسة الحكيمة للرئيس شي جين بينغ ورفاقه، مزدهرة ومتطورة وذات شهرة عالمية، تؤكد إنسانية النظام السياسي الصيني وتشهد على أهدافه العادلة لخدمة مواطنيه.

      وليس أخيراً، تُعتبر الصين واحدة من دول قليلة تضمن لمواطنيها فحوصات طبية سنوية مجانية، وضمنهم جميع سكان منطقة شينجيانغ القومية، الواقعة في أقصى غرب الصين، وضمان التأمين الطبي الأساسي بالدرجة الأولى للمرضى الفقراء، وكذا لأصحاب الَمعاشات المتواضعة من كِبار السّن، ويُغطى التأمين الصحي الصيني أصحاب الحالات المرضية الخطيرة، وهو أمر لا يتوافر في أية دولة أخرى، ومنها دول رأسمالية عريقة.. 

    .. وللأسف الشديد، لا ينادي البابا بتطبيق مثيل لهذه الخبرات الصينية في دول آخرى، إلا أنه يهتم بتوجيه قذائفه الكلامية صوب الصين وحدها!!!)

    ad728