مقالة خاصة: “الدورتان” الصينيتان تعطيان زخما جديدا ومصدر إلهام للتنمية العالمية
بكين 13 مارس 2021 (شينخوا)
في الأيام القليلة الماضية، حظيت “الدورتان” السنويتان في الصين بالكثير من الاهتمام العالمي، حيث يراقب المجتمع الدولي عن كثب إلى أين يتجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم وما الزخم الذي سيولده للتنمية العالمية.
واستلهاما من الإنجازات البارزة التي حققتها الصين في خضم الجائحة وشعورا بالسعادة بخطة التنمية الجديدة للبلاد، يعتقد المراقبون في جميع أنحاء العالم أن قرار الصين بتحقيق التحديث من خلال التنمية عالية الجودة سيعزز بالتأكيد الرخاء العالمي.
— إنجازات وسط الجائحة
خلال الدورتين السنويتين لأعلى هيئة تشريعية وهيئة استشارية سياسية في البلاد، استعرضت الصين إنجازاتها وخبراتها في التنسيق بين مكافحة الجائحة وتحقيق التنمية الاقتصادية، والتي يعتقد المراقبون أنها ستضخ الثقة في المعركة العالمية ضد المرض الفتاك.
فقد أصبحت البلاد الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي سجل نموا إيجابيا في العام الماضي، حيث زاد ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 2.3 في المائة على أساس سنوي ليتجاوز عتبة الـ100 تريليون يوان (حوالي 15.40 تريليون دولار أمريكي)، فيما توسعت وارداتها وصادراتها من السلع بنسبة 1.9 في المائة.
وفي عام 2020، تخلص جميع سكان الريف الفقراء في الصين، البالغ عددهم حوالي 100 مليون ويعيشون تحت خط الفقر الحالي، من الفقر بعد جهود استمرت ثماني سنوات.
وقال أندريه فينوغرادوف، رئيس مركز الدراسات السياسية والتنبؤ بمعهد دراسات الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إن الصين أظهرت قدرتها على مجابهة التحديات غير المتوقعة التي تواجه العالم.
وذكر فينوغرادوف أن “انتصار الصين في القضاء على الفقر المدقع هو إنجاز كبير… هذه التجربة ذات أهمية عالمية”.
وقالت بيلاجيا كارباثيوتاكي، الباحثة المقيمة في بكين والعاملة في الجامعة الصينية للأعمال الدولية والاقتصاد، إن الصين تجنبت السقوط في “فخ” معضلة بين الحفاظ على الصحة وتقوية الاقتصاد، وإن إستراتيجيتها “تمكنت من التغلب على الأزمة الصحية داخل الصين وفي نفس الوقت حماية اقتصادها”.
ولدى إشادته بدينامية الشعب الصيني في مكافحة الجائحة، قال برنارد ديويت، رئيس غرفة التجارة البلجيكية الصينية، “إن هذا يمكن أن يكون نموذجا يحتذى به لبقية العالم، لأنه على الرغم من تعرضهم للجائحة بشدة، لكنهم استطاعوا التغلب عليها، بل المضي قدما في النمو وتحسين وضع سكان البلاد”.
وقال منير أكرم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة إن الصين أظهرت “روح الكرم” للتعاون الدولي في جهودها العالمية لمكافحة الفيروس.
— تنمية عالية الجودة
خلال “الدورتين”، حددت الصين أهدافها لعام 2021 واعتمدت خطة تنمية البلاد للسنوات من الـ5 إلى الـ15 القادمة، والتي، مع التركيز على التنمية عالية الجودة، من المتوقع أن توفر فرصا جديدة للعالم الذي يعاني من الجائحة.
تهدف الصين إلى توسيع ناتجها المحلي الإجمالي بواقع أكثر من 6 في المائة على أساس سنوي في عام 2021، مع بذل المزيد من الجهود في الإصلاح والابتكار والتنمية عالية الجودة، وفقا لتقرير عمل الحكومة.
وقال تورسونالي كوزيف، الأستاذ في الجامعة الأوزبكية للصحافة والإعلام الجماهيري، إن هدف النمو يُظهر “تصميم الحكومة الصينية على وثقتها في تعزيز الانتعاش الاقتصادي المستدام للعالم، وستواصل الصين تعزيز الاقتصاد العالمي”.
في فترة الخطة الخمسية الـ14 (2021-2025) وما بعدها، ستظل التنمية عالية الجودة موضوع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين، وإنها تتعلق بالوضع العام لحملة التحديث الاشتراكي في البلاد.
وفي الوقت نفسه، ستنفذ الدولة سياسات الانفتاح على نطاق أوسع وفي مجالات أرحب وعلى مستوى أعمق، وستشارك بشكل أفضل في التعاون الاقتصادي الدولي.
وذكر جيفري ساكس، أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا والمستشار البارز بالأمم المتحدة، أن أهداف عام 2021 وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مدى السنوات الخمس المقبلة “مثيرة للإعجاب”.
وأشار ساكس إلى “أنهم يهدفون إلى التنمية المستدامة، على أساس تقليل التلوث، وكفاءة استخدام الموارد، والتقدم العلمي والتكنولوجي، وتوسيع التعليم، وتحسين نوعية الحياة”.
ووفقا لخطة تنميتها في السنوات من الـ5 إلى الـ15 القادمة، ستسرع الصين في صياغة نمط تنموي جديد يتمثل في “التداول المزدوج”، تعزز فيه الأسواق المحلية والخارجية بعضها البعض مع اعتبار السوق المحلية الدعامة الأساسية.
وقال يوخن جولر، رئيس فرع شركة ((بي أم دبليو)) في الصين إن “(التداول المزدوج) يركز بشكل موازٍ على كل من التداول المحلي والدولي. ومن المؤكد أن الانفتاح رفيع المستوى يخدم هذه الغاية، ويحقق نتائج تقوم على الفوز المشترك لكل من الشركات الصينية ومتعددة الجنسيات”.
— نهج محوره الشعب
بالنسبة للمراقبين، فإن “الدورتين” السنويتين توفران لهم فرصة لفك شفرة النجاحات الهائلة التي حققتها الصين وفهم ديمقراطيتها بشكل أفضل.
ودائما ما تضع الصين الشعب في المرتبة الأولى خلال تنميتها، وتزيد من المنافع التي تعود عليه، وتتأكد من أن الشعب سيد مصيره، وتدعم التنمية بطريقة شاملة.
ومن حملة التخفيف من حدة الفقر والتعامل مع الجائحة وصولا إلى خطة التنمية والأهداف التي تهدف إلى تلبية تطلعات الناس إلى حياة أفضل، أظهرت الصين أن تحديثها لا يشمل فقط زيادة ملحوظة في القدرة الإنتاجية الاقتصادية، وإنما يشمل أيضا أهدافا شاملة لتحسين رفاه الشعب.
وقال ستيفن بيري، رئيس مؤسسة ((نادي مجموعة الـ48)) البريطانية إن حملة الصين للتخفيف من حدة الفقر هي “عمل أمة ملتزمة تجاه شعبها”.
ولدى وصفه استجابة الصين للجائحة بأنها “من الدرجة الأولى”، ذكر بيري أنه لا يوجد بلد آخر يمكنه نقل آلاف الأطباء والممرضات إلى هوبي، التي كانت ذات يوم أكثر المقاطعات تضررا في الصين، في غضون أيام.
“فبمجرد أن علمت الحكومة الصينية بخطورة هذه الجائحة، نقلت الأولوية لإنقاذ الأرواح”، حسبما أضاف بيري.
ومن ناحية أخرى، أظهرت جداول أعمال “الدورتين” أن الديمقراطية الصينية تتميز بمجموعة واسعة من الاقتراحات العامة، والمناقشات المستفيضة، وتشكيل تدريجي لتوافق الآراء.
وذكر سورابه جوبتا، الزميل الأقدم في معهد الدراسات الصينية الأمريكية ومقره واشنطن، أن “الدورتين” توفران نافذة لمعرفة كيفية قيام الصين ببناء توافق في الآراء بشأن إستراتيجياتها وأهدافها التنموية.
وقال جوبتا “أعتقد أن عملية بناء التوافق بنفس القدر من الصعوبة، لكنها تتم بشكل أكثر كفاءة في الصين”.
وأضاف جوبتا قائلا “فهناك الكثير من المندوبين من المقاطعات ومن المستويات المحلية في ‘الدورتين’ وهذا يظهر… مدى رحابة واتساع هذا التوافق”.