• اخر الاخبار

    ندم ..قصة قصيرة من الادب الانكليزي ترجمتها لعربية الطالبة زينب رسول عبد الله

     



    ندم

    ترجمة :زينب رسول عبد الله 

     

    امتلكت مامزيل اوريلي  جسم قوياً وسليماً : وجنتين ورديتين ، وشعراً كان يتغير لونه من البني الى الرمادي  ، ونظرة ثاقبة .

     كانت ترتدي قبعة رجالية في المزرعة ، ومعطفاً ازرقَ عسكرياً قديماً عندما يكون الجو بارد واحياناً ترتدي احذية عالية.

    لم تفكر مامزيل اوريلي في الزواج يوماً ولم تقع في الحب . وعندما كانت في سن العشرين تلقت عرضاً في الزواج ، ولكنها رفضتهُ على الفور . وفي سنها الخمسين لم تشعر بالندم على ذلك الرفض .

    كانت وحيدة تماماً في العالم ،اذا استثنينا كلبها بونتو والزنوج الذين كانوا يعيشون في كبائنها ويعملون في محاصيلها ويقومون بالعناية بالطيور وبعدد قليل من الابقار وازواجاً من البغال، وبندقيتها ( التي تطلق النار بها على الدجاج والصقور). وكانت امرأة متدينة.

    في صباح احد الايام وقفت مامزيل اوريلي في مزرعتها تتأمل مجموعة من الاطفال الصغار ظهروا وكأنهم هبطوا من السحب بشكل غير متوقع ومربك  وبالتالي غير مُرحب بهم. كانوا ابناء اقرب جارة لها اوديل التي لم تكن مقربة منها بشكل عام.

    كانت  الشابة قد جاءت منذ خمس دقائق برفقة اطفالها الاربعة. وكانت تحمل على ذراعيها لودي الصغيرة وكانت تجر تينومي المعاند بيدها بينما اتبعتها كل من مارسلين ومارسليت بخطوات مترددة.

    كان وجهها احمراً ومعكرا من البكاء والحزن ؛ كان قد تم استدعاؤها الى المنطقة المجاورة بسبب مرض والدتها الخطير بينما زوجها مسافر الى مكان بعيد في تكساس – بدا لها انه على بعد مليون ميل بينما كان فالسين ينتظرها في العربة التي يجرها بغل لاخذها الى المحطة.

    قالت الشابة (ديو) : "لا اشك يا مامزيل اوريلي انك ستقومين برعاية هؤلاء الصغار حتى اعود ولم اكن لازعجك لو كان لي خياراً اخر. هؤلاء الصغار اصابوني بنصف جنون. وانا قد لا اجد امي على قيد الحياة عندما اصل اليها."

    تركتهم مزدحمين في شريط الظل الضيق على شرفة البيت الطويل المنخفض . كانت اشعة الشمس  تضرب الالواح الخشبية البيضاء القديمة . وكان الدجاج يخدش العشب عند اسفل السلم بينما تجرأت احدى الدجاجات على تسلق السلم بحركة متثاقلة. كان هناك رائحة لطيفة من الورود في الهواء . وكانت اصوات ضحكات الزنوج تصل عبر حقول القطن المزهرة.

    وقفت مامزيل اوريلي تتأمل الاطفال. نظرت بعين ناقدة الى مارسلين التي تركتها امها تعاني تحت وطأة لودي السمينة. ورأت بالعين ذاتها دموع مارسلين الصامتة التي اختلطت بالحزن المسموع و تمرد تينومي . وخلال تلك اللحظات التأملية القليلة كانت تجمع نفسها وتحدد مسار العمل الذي يجب ان يكون متطابقاً مع اداء الواجب، فـبدأت بأطعامهم.

     

    ولو ان مسؤوليات مامزيل اوريلي بدأت وانتهت عند اطعام الاطفال ، ولكن الاطفال الصغار ليسوا خنازير صغيرة. فهم يحتاجون ويطالبون بالعناية التي لم تكن مامزيل اوريلي تتوقعهما او قادرة على تقديمها .

     

    لقد كانت في الواقع غير مؤهلة للغاية في ادارتها لأطفال اوديل خلال الايام القليلة الاولى. كيف يمكنها ان تعرف ان مارسليت تبكي دائماً عندما يتحدث اليها احد بصوت عالٍ وقوي ؟ كان ذلك ما تتميز به مارسليت. استطاعت ان تتعرف على شغف تينومي بالزهور عندما قطف جميع انواع الغاردينيا لغرض تفحص بنائها النباتي بشكل نقدي .

    قالت لها مارسلين: "لا يكفي يا مامزيل اوريلي ان تتحدثي اليه. يجب ان تربطيه بالكرسي. هذا ما تفعله امي عندما يسيء التصرف." وكان الكرسي الذي ربطته مامزيل اوريلي فيه كرسيا كبيرا ومريحاً فاغتنم الفرصة لاخذ قيلولة فيه خاصة ان الحرارة بعد الظهر كانت دافئة .

    في الليل ، عندما امرتهم جمعياً بالذهاب الى النوم كما تأمر الدجاج بالتوجه الى حظيرته ظلوا غير مدركين امامها ، ماذا عن قمصان النوم البيضاء الصغيرة التي احضروها معهم والتي يجب ان تخرجها يد قوية من كيس الوسادة وتنفضها حتى تصبح كالسوط؟ وماذا عن حوض الماء الذي يجب احضاره ووضعه في وسط الارضية وتغمس فيه الاقدام المتعبة والمغبرة ذات اللون البني الفاتح ؟ وضحكت كل من مارسلين ومارسليت لفكرة ان مامزيل اوربلي كانت تعتقد ان بامكان تينومي ان ينام قبل ان تقرأ له قصة او قصتين او ان تنام لودي قبل ان تهز لها سريرها وتغني لها.

    قالت مامزيل اوريلي لطباختها في السر: "اقول لك شيئا يا عمة روبي: افضل ادارة دزينة من المزارع على ان اهتم باربعة اطفال. لا تتحدثي لي عن الاطفال."

    قالت الخادمة "لا اتوقع انك تعرفين شيئا عن اي واحد منهم يا مامزيل اوريلي. اعرف ذلك بوضوح لاني رأيت ذلك الطفل الصغير وهو يعبث بعلبة مفاتيحك. الا تعرفين ان الطفل الذي يعبث بالمفاتيح يغدو عنيدا عندما يكبر؟ تماما كما تقسو اسنان الطفل الذي ينظر كثيرا في المرآة. هذه من الاشياء التي يجب ان تعرفيها عندما تربين الاطفال وتديرين شؤونهم."

    من المؤكد ان مامزيل اوريلي لم تكن تتظاهر او تطمح الى مثل هذه معرفة الدقيقة والبعيدة المدى حول الموضوع  كمعرفة العمة روبي التي ربت خمسة ودفنت ستة في ايامها. وشعرت بمتعة في تعلم بعض من مهارات الامومة التي تفيدها في اللحظة الراهنة.

    اجبرتها اصابع تينومي الملوثة بالدبق ان تبحث عن مآزر بيض لها لم تكن ترتديها منذ سنوات . وكان عليها ان تعتاد على قبلاته الرطبة ، وهي تعبيرات عن طبيعة حنونة وغزيرة . وانزلت علبة الخياطة التي لم تكن تستعملها الا نادرا من الرف العلوي في الخزانة ووضعتها في متناول اليد لتستعملها في اصلاح زلات ممزقة وخصر بدون ازرار .

    واستغرقت عدة ايام لتعتاد على الضحك والبكاء والثرثرة التي كانت تتردد في ارجاء البيت وحوله طوال اليوم . ولم تتمكن من النوم براحة في الليلة الاولى والثانية بينما كان جسم لودي الساخن ملتصقا بجسمها وانفاس الطفلة الدافئة تهب على خدها كما لو كانت ناجمة من جناح طير.

     

    ولكن ما ان مر اسبوعان حتى اعتادت مامزيل اوريلي تماماً على هذا كله ولم تعد تشكو منه.

    وبعد اسبوعين ايضا وفي ذات مساء بينما كانت مامزيل اوريلي تنظر الى حيث كانت الماشية تلتهم طعامها رأت عربة فاسلين الزرقاء عند منعطف الطريق. كانت اوديل تجلس في العربة مرفوعة الرأس وفي حالة يقظة. واشار وجه الشابة المبتهج عندما اقتربت العربة ان عودتها الى بيتها كانت عودة سعيدة.

    ولكن هذه العودة غير المعلنة وغير المتوقعة اوقعت مامزيل اوريلي في حالة من الانفعال الشديد. تجمع الاطفال. اين تينومي؟ هناك في حظيرة الماشية. ومارسلين ومارسليت؟ انهما تصنعان لعبة من الخرق في ركن من الاركان. اما لودي فكانت آمنة في حضن مامزيل اوريلي . وقد صرخت بسرور لرؤية العربة الزرقاء المألوفة التي تعيد والدتها اليها .

    انتهت الاثارة كلها وذهب الاطفال. وعاد كل شيء الى السكون الذي كان عليه. وقفت مامزيل اوريلي على المعرض تنظر وتسمع. لم يعد بأمكانها رؤية العربة واختلط لون غروب الشمس الاحمر بلون الشفق الرمادي الازرق عبر السهول واخفى الطريق. ولم تعد تسمع صرير عجلات العربة. ولكنها مازالت تسمع بصوت خافت اصوات الاطفال الصاخبة.

    وعادت الى البيت. كان ثمة الكثير من العمل الذي ينتظرها لان الاطفال خلفوا وراءهم بيتاً مضطرباً . ولكنها لم تبدأ مهمة التنظيف والترتيب على الفور. جلست الى جانب الطاولة. ونظرت نظرة بطيئة في ارجاء الغرفة بينما كانت الظلمة تتعاظم حولها وشعرت بكثير من الوحشة. وتركت رأسها يسقط على ذراعها المنحنية وبدأت في البكاء . بكت كثيرا ، ليس بكاء صامتا كما تبكي النساء غالبا ، بكت كما يبكي الرجال مع تنهدات بدت وكأنها تمزق روحها . ولم تلحظ كلبها بونتو يلعق يدها. 

    Regret

     

    MAMZELLE AURLIE possessed a good strong figure, ruddy cheeks, hair that was changing from brown to gray, and a determined eye. She wore a man's hat about the farm, and an old blue army overcoat when it was cold, and sometimes top-boots.

    Mamzelle Aurlie had never thought of marrying. She had never been in love. At the age of twenty she had received a proposal, which she had promptly declined, and at the age of fifty she had not yet lived to regret it.

    So she was quite alone in the world, except for her dog Ponto, and the negroes who lived in her cabins and worked her crops, and the fowls, a few cows, a couple of mules, her gun (with which she shot chicken-hawks), and her religion.

    One morning Mamzelle Aurlie stood upon her gallery, contemplating, with arms akimbo, a small band of very small children who, to all intents and purposes, might have fallen from the clouds, so unexpected and bewildering was their coming, and so unwelcome. They were the children of her nearest neighbor, Odile, who was not such a near neighbor, after all.

    The young woman had appeared but five minutes before, accompanied by these four children. In her arms she carried little Lodie; she dragged Ti Nomme by an unwilling hand; while Marcline and Marclette followed with irresolute steps.

    Her face was red and disfigured from tears and excitement. She had been summoned to a neighbouring parish by the dangerous illness of her mother; her husband was away in Texas -- it seemed to her a million miles away; and Valsin was waiting with the mule-cart to drive her to the station.

    "It's no question, Mamzelle Aurlie; you jus' got to keep those youngsters fo' me tell I come back. Dieu sait, I wouldn' botha you with 'em if it was any otha way to do! Make 'em mine you, Mamzelle Aurlie; don' spare 'em. Me, there, I'm half crazy between the chil'ren, an' Lon not home, an' maybe not even to fine po' maman alive encore!" -- a harrowing possibility which drove Odile to take a final hasty and convulsive leave of her disconsolate family.

    She left them crowded into the narrow strip of shade on the porch of the long, low house; the white sunlight was beating in on the white old boards; some chickens were scratching in the grass at the foot of the steps, and one had boldly mounted, and was stepping heavily, solemnly, and aimlessly across the gallery. There was a pleasant odor of pinks in the air, and the sound of negroes' laughter was coming across the flowering cotton-field.

    Mamzelle Aurlie stood contemplating the children. She looked with a critical eye upon Marcline, who had been left staggering beneath the weight of the chubby Lodie. She surveyed with the same calculating air Marclette mingling her silent tears with the audible grief and rebellion of Ti Nomme. During those few contemplative moments she was collecting herself, determining upon a line of action which should be identical with a line of duty. She began by feeding them.

    If Mamzelle Aurlie's responsibilities might have begun and ended there, they could easily have been dismissed; for her larder was amply provided against an emergency of this nature. But little children are not little pigs: they require and demand attentions which were wholly unexpected by Mamzelle Aurlie, and which she was ill prepared to give.

    She was, indeed, very inapt in her management of Odile's children during the first few days. How could she know that Marclette always wept when spoken to in a loud and commanding tone of voice? It was a peculiarity of Marclette's. She became acquainted with Ti Nomme's passion for flowers only when he had plucked all the choicest gardenias and pinks for the apparent purpose of critically studying their botanical construction.

    "'T ain't enough to tell 'im, Mamzelle Aurlie," Marcline instructed her; "you got to tie 'im in a chair. It's w'at maman all time do w'en he's bad: she tie 'im in a chair." The chair in which Mamzelle Aurlie tied Ti Nomme was roomy and comfortable, and he seized the opportunity to take a nap in it, the afternoon being warm.

    At night, when she ordered them one and all to bed as she would have shooed the chickens into the hen-house, they stayed uncomprehending before her. What about the little white nightgowns that had to be taken from the pillow-slip in which they were brought over, and shaken by some strong hand till they snapped like ox-whips? What about the tub of water which had to be brought and set in the middle of the floor, in which the little tired, dusty, sun-browned feet had every one to be washed sweet and clean? And it made Marcline and Marclette laugh merrily -- the idea that Mamzelle Aurlie should for a moment have believed that Ti Nomme could fall asleep without being told the story of Croque-mitaine or Loup-garou, or both; or that lodie could fall asleep at all without being rocked and sung to.

    "I tell you, Aunt Ruby," Mamzelle Aurlie informed her cook in confidence; "me, I'd rather manage a dozen plantation' than fo' chil'ren. It's terrassent! Bont! don't talk to me about chil'ren!"

    "T ain' ispected sich as you would know airy thing 'bout 'em, Mamzelle Aurlie. I see dat plainly yistiddy w'en I spy dat li'le chile playin' wid yo' baskit o' keys. You don' know dat makes chillun grow up hard-headed, to play wid keys? Des like it make 'em teeth hard to look in a lookin'-glass. Them's the things you got to know in the raisin' an' manigement o' chillun."

    Mamzelle Aurlie certainly did not pretend or aspire to such subtle and far-reaching knowledge on the subject as Aunt Ruby possessed, who had "raised five an' buried six" in her day. She was glad enough to learn a few little mother-tricks to serve the moment's need.

    Ti Nomme's sticky fingers compelled her to unearth white aprons that she had not worn for years, and she had to accustom herself to his moist kisses -- the expressions of an affectionate and exuberant nature. She got down her sewing-basket, which she seldom used, from the top shelf of the armoire, and placed it within the ready and easy reach which torn slips and buttonless waists demanded. It took her some days to become accustomed to the laughing, the crying, the chattering that echoed through the house and around it all day long. And it was not the first or the second night that she could sleep comfortably with little Lodie's hot, plump body pressed close against her, and the little one's warm breath beating her cheek like the fanning of a bird's wing.

    But at the end of two weeks Mamzelle Aurlie had grown quite used to these things, and she no longer complained.

    It was also at the end of two weeks that Mamzelle Aurlie, one evening, looking away toward the crib where the cattle were being fed, saw Valsin's blue cart turning the bend of the road. Odile sat beside the mulatto, upright and alert. As they drew near, the young woman's beaming face indicated that her home-coming was a happy one.

    But this coming, unannounced and unexpected, threw Mamzelle Aurlie into a flutter that was almost agitation. The children had to be gathered. Where was Ti Nomme? Yonder in the shed, putting an edge on his knife at the grindstone. And Marcline and Marclette? Cutting and fashioning doll-rags in the corner of the gallery. As for Lodie, she was safe enough in Mamzelle Aurlie's arms; and she had screamed with delight at sight of the familiar blue cart which was bringing her mother back to her.

    THE excitement was all over, and they were gone. How still it was when they were gone! Mamzelle Aurlie stood upon the gallery, looking and listening. She could no longer see the cart; the red sunset and the blue-gray twilight had together flung a purple mist across the fields and road that hid it from her view. She could no longer hear the wheezing and creaking of its wheels. But she could still faintly hear the shrill, glad voices of the children.

    She turned into the house. There was much work awaiting her, for the children had left a sad disorder behind them; but she did not at once set about the task of righting it. Mamzelle Aurlie seated herself beside the table. She gave one slow glance through the room, into which the evening shadows were creeping and deepening around her solitary figure. She let her head fall down upon her bended arm, and began to cry. Oh, but she cried! Not softly, as women often do. She cried like a man, with sobs that seemed to tear her very soul. She did not notice Ponto licking her hand

    By Kate Chopin

     

     

     


     


    ad728