الاهتمام بالشباب بوصفهم ركيزة في بناء المجتمع والدولة (برامج المركز الثقافي أنموذجاً)
م.م.حيدر علي الاسدي
يعد الشباب الشريحة الاكثر حيوية وديناميكية في المجتمعات ، وهذا ما يسلم به كل المشتغلين في الحقول الاجتماعية ، والفكرية ، فلا حراك حقيقي دون الشباب ولا تقدم تنموي دون لمسات الشباب ، فهم الابرع في ميدان التغيير والانتقال من حال الى حال ، اذ أن عملية التغير هي أي أنشطة تؤدي إلي جعل الواقع يختلف عن الوضع المعتاد إما كلمة الشباب فقد تحدد فئة الشباب في اتجاهات معينة منها البيولوجي و السيكولوجي و السيسيولوجي وينظر البعض إلى الشباب على اعتبار أنهم حقيقة اجتماعية وليس ظاهرة بيولوجية فقط .وهناك اختلاف في الأسس التي تعتمد في الحقول العلمية في تحديد فئة الشباب ، فتعمد على مقاييس النمو البيولوجي وكل ما يرتبط بنمو الجسم ، وان من المراحل التي تعد فارقة لدى الإنسان وكذا الإنتاجية هي مرحلة الشباب ...فخلال هذه الفترة يتم الشاب باكتساب مهارات إنسانية بدنية وعقلية ونفسية واجتماعية وكلها تكون لازمة لتدبير شؤونه الحياتية خروجا بعد ذلك إلى عملية التغير الخارجي ...لان كل تلك المعارف ستصب بتنظيم علاقته مع الآخرين ، اذ تولد المقاربة السوسيولوجية إلى استخراج الخصائص المشتركة بين فئات الشباب ومجملها القوة والنشاط والذكاء والرفض والاحتجاج حسب ما يؤكد علماء النفس وهذه العوامل تكون رصيداً للشاب في عملية خروجه للواقع السلبي وتغيره بالأصلح والإصلاح(1) وعليه يمكن القول ان لا تطلعات ترسم خطواتها عملياً وميدانياً دونما تدخل حقيقي على مستوى التنظير والتطبيق من لدن الشباب ، وبخاصة في مجالاته التطلعية التقدمية التي تتزاخم اوردتها في فترات الازمات والتي يتطلع خلالها الشباب لفك الخناق والتضييق والخروج من بوتقة الاحباط وشرنقة اليأس التي يحاول الاغيار زرعها لدى شبابنا ، فيشكل ((الشباب الطليعة المتقدمة في كل امة فعليهم تعتمد الامم في نهضتها وهم املها في قابل الايام ، وهم يمثلون القوة الحية المتحركة في المجتمع واي تغيير يمكن ان يحدث في الامة يقوم على اكتاف الشباب ))(2) وعلى وفق ما تقدم تعد البرامج التنموية الهادفة هي الانجع في هذه الفترات ، لسحب الشباب من الضياع والانفلات والفراغ والتيهان في اتون تضييع الوقت وربما احياناً الانحراف لذا كان الدور يقع على المؤسسات المعنية بهذه المجالات التنموية ولكن للاسف لم نرى سوى المزيد من التباطؤ والانشطة الشكلية ، ولكن في السنوات الاخيرة برزت لنا مؤسسة عملت بجد وبصورة حثيثة متوالية وعلى وفق برامج مرسومة ومخطط لها تتمتع بالموضوعية (والعلمية) في رسم خططتها الهادفة والتنموية واعني هنا المركز الثقافي في جامعة البصرة وعلى راسه مدير المركز الجمالي الفنان المبدع دوماً ادارة وفناً (البروفسور عبدالكريم عبود المبارك) والذي ما ان مسك زمام دفة القيادة في هذا المركز حتى رسم صوراً مغايرة لعمل المركز وبرامجه ، منتقلاً بذلك من الانشطة الاعتيادية او الروتينية التي كانت تقدم الى مصاف الانشطة النوعية ( البناءة) وبخاصة تلك التي استهدفت وبنيت على شريحة الشباب ، وساتحدث عن بعض تلك المشاريع البناءة التي اطلقها هذا المركز وبتفكير وتخطيط من مبدعه الاول الدكتور كريم المبارك ،فلعل احدى تلك البرامج المهمة كان (مشروع شبابنا صناع الحياة) وهو مشروع نفذ على شكل اربع مراحل وهدفه تدريب وتطوير الشباب في المجالات الادبية والعلمية والثقافية ومساعدة الشباب على ممارسة هوياتهم واحتضان قدرات المبدعين من الشباب ومد جسور التعاون الاجتماعي بين الجامعة والشباب العراقي وتحويل اوقات الفراغ واستثمارها بشكل علمي جاد وثمين وهو الهدف الاهم في ظل الظروف التي يعيشها الشاب العراقي في السنوات الاخيرة ، وادرك تماماً ان الجميع يفهم مقصدي بهذا الخصوص تحديداً، وتخلل تلك المشاريع والبرامج الهادفة انشطة مهمة جداً لابد من الاشارة لها ومنها (المسابقة الشعرية الوطنية الالكترونية) "قوافي تتحدى الجائحة" وكذلك المسابقة الادبية للشعر والقصة والتي شهدت فوز عدد من الشباب وتقديمهم كمبدعين حقيقيين لمجتمعنا واقلام تمثل دماء جديدة في جسد وبنية هذا المجتمع وما احوجنا لصوت الشباب في ظل هذه الظروف ، فضلاً عن البرامج التي قدمت على مواقع السويشل ميديا والتي تستغل من ميزة التفاعلية وسرعة التواصل كايقونات بناءة ونوافذ معرفية لخلق حالات وبيئات سلام وابداع مميزة كما في هاشتاك ( القادم افضل) ، ناهيك عن الاهتمام بالمدينة ، المكان ، الذاكرة ، وهي المعبر الحقيقي عن شخوصنا ماضياً وحاضراً ومستقبلاً من خلال مشروعهم الجمالي (المسرح والمدينة) ، واننا هنا اذ نؤشر مكامن النجاعة بهذه البرامج الهادفة ففي الوقت ذاته نثمن تلك الجهود الراسمة لهكذا مسارات تحدد الخيارات التنموية للشباب وتقدمها لهم على طبق من ذهب الرعاية والاحتضان والتوجيه وبخاصة انها اعتمدت على اعمدة وركائزة مهمة تقود هكذا برامج ومشاريع من ادباء وفناني المدينة ، فما اجمل ان تشتغل المؤسسات المعنية بالحراك الثقافي باتجاه الشباب وتطوير قدراتهم بحب ونبل وانفتاح من اجل خلق جيل قادر على مواكبة التغيرات والنقلات ، جيل قادر على اعادة رسم المسارات التي تحيط بنا من كل جانب وهنا كل الاشادة والاحترام لجهود الاستاذ المعلم الدكتور كريم عبود المبارك على ما يقدمه بكل حب وتواضع لهذه المشاريع الريادية على مستوى الفكر والثقافة ، ليت هكذا مشاريع تتكاثر وتتوالد حتى ننعم بجيل من الشباب يسهم في بناء المجتمع ويجعلنا من البلدان المتقدمة على مختلف الاصعدة.
...................
هوامش :
(1) حيدر الاسدي ، شريحة الشباب والطريق إلى التغيير المجتمعي، مركز النور ، (السويد) ، 21-6-2009.
(2) ا.م.د.عبدالرزاق احمد عبدالرزاق ، "الاهتمام بالشباب واهمية دورهم في بناء الامة ونهضتها" مجلة الجامعة الاسلامية ،(بغداد)، عدد 22، لسنة 2009، ص35.