حلمي سجين الظلام
بقلم: أمنة ضرغام العجيلي
كان سامي قد عَمِلَ في إحدى المتاجرِ ليوفِر لُقمة العيش للأيامِ القادمة، لكي لا يَعمَلَ فيهِ وَيُركِزَ على حُلمهِ المُنتظر بَذلَ أضعافَ جُهدهِ حتى حَل المساء فَعادَ وَقد غَلبَ النُعاسُ عينيهِ وخارِت قِوة جسدهِ، ولكنهُ لم يَنم بل بدأ من فورهِ بِالدِراسة وَفي مُنتصفِ الليل أجتاحت حُمى قوية جَسدَهُ وبدأت حباتُ العرقِ تَتَصببُ من جبينهِ المُحمر، فَتوسدَ يديهِ و التحف بأحلامه البيضاء غارِقًا في سُباتٍ طويلٍ، عند الصباح الباكر في الرابع من ديسمبر كانت السماء ملبدة بِالغيومِ مُعلنة عن يومٍ حزين، استيقظ الملأَ على أصواتِ المساجد وهي تُنعي رحيلَ الفتى الحالمَ سامي عن هذهِ الحياة، هكذا مَضِت سَفينةُ الأيامِ وهي تُلوِحُ بِكفنهِا الأبيض تارِك خَلفهُ ورقة بيضاء كَتبها بحروفٍ مُبعثرة إلى مُعلمِ، أما بعد…
أردتُ أن أُصبِحَ طبيبًا، أردتُ أن أُحقِقَ حُلمي لأعرِفَ من أكونُ على وَجهِ الدقة، فأنا لستُ قِطعة قِماش رَثة بالية، ولا إِبرة تَنسِجُ الخِيوطَ معًا لِتُكونَ قطعة قماش، أنا هو أنا، فَعلتُ مابِوسعي لطالما أنا حَيّ، ولكن يَبدو أن وقتَ الرحيلِ قد حان . هؤلاءِ الذينَ غادروَا الحياة يَزِفونَ أُنشودة أحلامُهم، تِلكَ الأمالُ الكبيرة التي حَملتها أفئِدتهم، من أجلِ تَحقيِق أحلامِهم الراقدة من ظُلماتِ الأرضِ إلى عِنانِ السماءِ رحلوا تَاركينَ خَلفهُم أُمنية عَودة ضياءَ الشَمس إلى عالمِهم الميت.