الصِّيِن الحليفة والعظيمة إذْ تؤكِّد صَلاَدَتها التَحَالُفِيَّة الدَّهرية مَعْ فِلسْطِينِ
ـ أعَدَّ هذه
المادة، التالية اسماؤهم:
ـ الأكاديمية
يلينا نيدوغينا: متخرجة من جامعتين، أولها روسية في مدينة لينينغراد؛ وثانيها
أُردنيَّة في العاصمة الأردنية عمَّان، وكاتبة وإعلامية روسية – أردنية، ومهندسة
كيمياء صناعية، ومتخصصة بالتاريخ والسياحة الأُردنية، ورئيسة تحرير صحيفة «الملحق
الروسي» في صحيفة «ذا ستار» الأُردنية سابقاً، ومساعدة رئيس الاتحاد الدولي
للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، وتحمل أوسمة رفيعة من
من دول صديقة وحليفة.
*
ـ الأكاديمي
مروان سوداح: كاتب وصحفي أردني قديم، يَحمل الجنسيتين الروسية والأردنية، وعضو في
“نقابة الصحفيين الأردنيين”، و”الاتحاد الدولي للصحفيين”، وعضو فخري في “منظمة
الصحفيين الكورية”؛ ورئيس “الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكُتَّاب العرب
أصدقاء وحُلفاء الصين”؛ ومؤسس ورئيس رابطة أنصار روسيا بوتين؛ ويترأس هيئات دولية
أخرى، ويحمل عدد من الأوسمة من دول ورؤساء دول صديقة وحليفة.
*
المُلاحَظ للمواطن العربي النابه والمتخصص، كما هو الأمر بالنسبة
للشعب العربي قاطبة من الخليج إلى المحيط، وحتى للعرب المهاجرين، والمتعلمين،
وأقرانهم البسطاء، والآخرين غير المتعلمين واللامحترفين فكرياً وسياسياً ولغوياً، أن
جمهورية الصين الشعبية، الاشتراكية بتميز، التي يقودها ومنذ تأسيسها الحزب
الطليعي، الشيوعي الصيني، لم تنزاح ولو قيد أنملة عن موقفها المبدئي وخط سيرها
المتشبث بفلسطين، ومساندة القضية الفلسطينية العادلة وشعب فلسطين - كنعان، الرازج
منذ عهد مَدِيد تحت نير الاستعمار الصهيوأمريكي، والصهيوغربي والمافيات الكثيرة
بألوانها السياسية.
وفي هذا السياق، أطلقت الصين، في العشرين من مارس/ آذار الماضي 2023م، مبادرةً سلميةً لـِ
"الشرق الأوسط" (للصراع الفلسطيني الاسرائيلي). جاء ذلك من خلال تصريحات
عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومدير مكتب لجنة الشؤون
الخارجية المركزية، الرفيق وانغ يي، تضمنت خمس نقاط، هي: الدعوة إلى الاحترام
المتبادل؛ الالتزام بالإنصاف والعدالة؛ حل القضية الفلسطينية؛ وتحقيق حلّ
الدولتين؛ وهذه كلها تُمثِّل أهم محك للعدالة والإنصاف في "الشرق
الأوسط"، مع دعم عقد مؤتمر دولي يتمتع بمصداقية في حالة نضوج الظروف، ولتحقيق
عدم انتشار الأسلحة النووية، وللعمل المشترك من أجل تحقيق الأمن الجماعي، وتسريع
وتيرة التنمية والتعاون.
وفي مجال متصل، كان الرفيق وانغ يي قد كشف في وقت سابق من هذا العام،
عن أن الصين الاشتراكية ستوجّه دعوات إلى شخصيات فلسطينية و"إسرائيلية"،
من أجل إجراء حوار في الصين، حيث رحَّبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالمبادرة،
وبالدعوة لحوار فلسطيني إسرائيلي في الصين. وقد جاء إطلاق هذه المبادرة والدعوة
إلى الحوار الثنائي بعد نحو عشرة أيام فقط على إعلان التفاهم السعودي الإيراني
القاضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وبرعاية صينية بالذات، وما أطلقه هذا
الإعلان من زخم سياسي ودبلوماسي في المنطقة قد برهَن على حضور صيني فعّال وواقعي
وموضوعي ومتزايد مُثير للانتباه والاهتمام والاشادة به، وذلك لتعامله العادل،
والموضوعي، والصداقي والتحالفي في التعامل مع أزمات ما يُسمِّيه الغرب الجماعي بـِ
"الشرق الأوسط"!
الثابت في السياسة الصينية عبر العصور، هو العقيدة التحررية الراسخة
والمتواصلة بدعامات مختلفة وصلبة ترتكز على أجندة جد سلمية، تتلخص في ضرورة الوصول
إلى تفاهمات شاملة بين الأطراف المتواجهة، والتي من شأنها كذلك وقف الصراعات
العالمية والإقليمية، والرغبة في إنجاح محاولات التقريب بين الجهات المتحاربة
والمتصارعة والمتعارضة، وتلك التي تبعد كثيراً عن بعضها البعض في المقياس السياسي
والأيديولوجي والثقافي حتى، فمن شأن ذلك كسب السلام والآمان لجميع الأطراف، و وقف
إهراق الدماء، لأجل تكريس قضية التفاهم، والشروع بحل المشكلات بالطرق السلمية،
بعيداً عن الصراعات الدموية التي تشل وتوقف عملية التقدم الاجتماعي والتقني،
وتعرقل التفاهم بين الشعوب، وتباعد السلام فيما بينها.
وقد سبق للعاصمة بكين العزيزة، أن سعت لتسييد العدالة والسلام في
منطقتنا العربية، كما هي تسعى دوماً وبلا توقف، إذ إن أراضينا العربية تتعرض
بتواصل للعسف من الغرب الجماعي، الداعم بكامل قواه المختلفة للاحتلال
"الصهوأمريغربي" للأراضي العربية الفلسطينية، وللعدوان على الدول
العربية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وفي غيرها من الحقول. ولهذا، كانت الصين
أطلقت مبادرتها الخاصة بوقف الحرب في أوكرانيا في 20 فبراير/شباط الماضي،
فالمواجهات والحروب في شرق أوروبا ومنطقتنا العربية مترابطة وتريدها الإمبريالية
أن تغدو مكملة لبعضها بعضاً ومتداخلة، بغية حشر الشعوب في زاوية ضيقة وانهاكها،
وفي مسعى استعماري لفرض الهيمنة النيوكولونيالية وتثبيتها على الأرض. وبالرغم من
أن المبادرة الصينية لم تشقّ طريقها كما سعت، ولم تتموضع على الأجندات الدولية
بسبب الرفض الغربي والصهوني لها، إلا إنها بقيت قائمة دولياً وتفيض بالحياة
والموضوعية، كونها الوحيدة القائمة والثابتة في طبيعتها لتذليل العقبات في وجه
الأزمات المختلفة، التي يَحْتَرُ العالم بلهيبها، إذ أن المسألة الفاشستية
الأوكرانية إنَّمَا تتصل بها بشدة، كونها تندج ضمن الاحترار الشامل للكرة الأرضية ولداعمي
هذا الاحترار مِمَّن يهدفون لتصعيد عديد الحرائق على مساحة كوكب الأرض في مختلف
القارات.
يعمل الغرب الجماعي السياسي والعسكري والدبلوماسي دوماً ويوماً في
إثر يوم على رفض الصين، ومحاولة شل قدراتها ومساعيها السلمية في كل المناطق
المسكونة، ويرى كثيرون بأن الخسائر الضخمة التي تصيب أوكرانيا حالياً والتي يقودها
لوبي صهيوني دولي – غربي على رأسه يهودي – صهيوني متمرس معادي للأديان التي منها
الإسلام والمسيحية، إنَّمَا ستبقى تعمل على عملانياتها المتواصلة لإدامة المواجهات
في تلكم المناطق، فهذا الأمر إنَّمَا يُرسَخ في صلب رغبات الغرب ومصالحه المالية
والاقتصادية – السلعية ونهجه التوسعي، ولذا تؤازر زعاماته الدولية الحروب وتعمل
على اشتداد أورها وأُوامٌها وسعيرها،
وتصعيدها، كما نلمس اليوم، وكما كُنَّا لمسناه في
السنوات الطويلة المطوية، إذ يعتقدون في واشنطن، وبون، ولندن وباريس، وفي
غيرها من عواصم الاحتلال العالمية، أن هذا الأمر الجلل يُطيل في أعمارهم وأعمار
هيمنتهم وقيادتهم الدولية للبشرية...!!!
لكل هذا ولغيره من الأسباب السياسية الخاصة بالمصالح الغربية
التوسعية، تجنّبت أطراف لوبي الحرب المعنية إعلاه إعلان رفضها المبادرة الصينية،
وإن كانت قد وجهت لها انتقادات ضمنية. لكن المبادرة الصينية مرشّحة دوماً لأن توضع
من جديد على طاولة المفاوضات العالمية، وأن تغدو مرجعية أساسية أُممية تؤكد ما
تسعى الصين وقيادتها الفذة إليه من سلام شامل في المنطقة العربية، وتحرر فلسطين
التي تدعمها القوانين والقرارات الدولية وبخاصة من لدن منظمة الأمم المتحدة.
وهكذا، فإن بيكين، وخلال شهر واحد، من 20 فبراير/ شباط إلى 20 مارس/ آذار المنصرم،
قد أطلقت ثلاث مبادرات، واحدة منها تتعلق بالأراضي العربية – الفلسطينية المحتلة
منذ عشرات السنين، وثالثة حِيال أزمة الخلاف السعودي الإيراني الذي كان يبدو
مُستعصياً على الحلّ لكنه وجد طريقه المستقيم من خلال الارتكاز إلى رغبة الأطراف
ذات الصلة في تكريس سلام "الشرق الأوسط"، والعمل على إعادة المنطقة إلى
ما كانت عليه من إزدهار وتألق وأخوّة ربطت جميع الشعوب بروابط ثنائية وجمعية على
مدار القرون والعشريات المنصرمة.
قرأت نصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، الذي
أشار إلى إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس صديق قديم وجيد للشعب الصيني، وأول رئيس
دولة عربية تستضيفه الصين هذا العام، وهذا يوضِّح الكثير عن العلاقات الودية رفيعة
المستوى بين الصين وفلسطين"، وقد جاءت تصريحاته هذه، خلال مؤتمر صحفي عُقد
تعقيبا على الزيارة الرسمية التي يقوم بها راهناً الرئيس محمود عباس إلى جمهورية
الصين الشعبية، تلبية لدعوة كريمة من الرئيس الصيني شي جي بينغ.
وتعقيباً على هذه الزيارة، قال وانغ: "إن الصين وفلسطين تتمتعان
بصداقة تقليدية، وإن الصين واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير
الفلسطينية ودولة فلسطين". وأضاف، أنه خلال السنوات الماضية، وبفضل التوجيه
الشخصي للرئيس شي والرئيس عباس، حافظت العلاقات الصينية -الفلسطينية على قوة دافعة
جيدة للنمو مع ثقة سياسية متبادلة أقوى وصداقة أعمق بين شعبي البلدين، مُشِيراً
إلى أن "الصين مستعدة للعمل مع فلسطين لاتباع التفاهمات المشتركة بين رئيسي
البلدين، ورفع الصداقة التقليدية بين الصين وفلسطين إلى مستويات جديدة"،
واستطرد بالتالي: "إن المسألة الفلسطينية في صميم قضية "الشرق
الأوسط"، ومهمة بالنسبة للسلام والاستقرار في المنطقة، والإنصاف، والعدالة في
العالم، مضيفاً: أن "الصين تدعم بحزم وبشكل دائم القضية العادلة للشعب
الفلسطيني المتمثلة، في استعادة حقوقه الوطنية المشروعة".
وأردف قائًلا: على مدار عشرة أعوام متتالية أرسل الرئيس شي رسائل
تهنئة للاجتماع التذكاري الخاص للاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب
الفلسطيني، وقدّم أكثر من مرة مقترحات الصين لحل المسألة الفلسطينية، مؤكداً
الحاجة إلى العمل على دفع التسوية السياسية بحزم، بناءً على حل الدولتين، وتكثيف الجهود
الدولية من أجل السلام، ذلك بأن الصين، بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي،
ستواصل العمل مع المجتمع الدولي من أجل إيجاد حل شامل وعادل ودائم للمسألة
الفلسطينية في وقت مبكر.
في نهجها المتين وسياستها الراسخة والمتماسكة والعظيمة والداعمة
للشعوب المضطهَدة (بفتح الهاء)، أكدت الصين وعلى رؤوس الأشهاد، ضرورة عدم استخدام
حق النقض الفيتو بشأن القضايا المتعلقة بمستقبل ومصير الشعب الفلسطيني من قِبل أي
طرف، مُشددة على أهمية التمسك بالنزاهة والعدالة إزاء القضية الفلسطينية، كما
ونقلت وكالة أنباء "شينخوا" الرسمية الصينية عن مندوب الصين الدائم لدى
الأمم المتحدة تشانغ جيون قوله، في كلمة خلال اجتماع لمجلس الأمن: إن ما ينقص حل
القضية الفلسطينية ليس خطة كبرى بل ضمير حي لإقرار العدالة، مُشيراً إلى أن وفاء
مجلس الأمن بمسؤولياته لا يعتمد على الشعارات الصارخة، ولكن على الإجراءات
الملموسة، واستطرد جيون: “يتعين على مجلس الأمن أداء واجباته بموضوعية وحيادية
وفقاً للتوافق الدولي، وتعزيز استئناف المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية دون تأخير
بدلاً من انتظار ما يسمى نضج الظروف اللازمة للحوار"، وأكد جيون أن مجلس
الأمن ملزم بواجبه تجاه قضية فلسطين، ويجب عليه اتخاذ إجراءات أكثر قوة لدعم الشعب
الفلسطيني في استعادة وممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف، ولتحقيق سلام دائم في
"الشرق الأوسط"، مُبيَّناً أن الحل طويل الأمد للقضية الفلسطينية يجب أن
يقوم على أساس حل الدولتين، وهذا توافق دولي وخط أساسي للنزاهة والعدالة ويجب
الالتزام بهما بحزم.
وأعرب جيون عن
أمل الصين بأن تتمكن الأطراف المعنية من ترجمة الإرادة السياسية إلى سياسات
وإجراءات بنَّاءة، وبذل جهود ملموسة لتحقيق حل الدولتين على أساس قرارات الأمم
المتحدة، ذلك إن الصين تدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه
الوطنية المشروعة، وتؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس
حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وليس ختاماً، بودِّنا الإشادة بالموقف السياسي الصيني الثابت ونهج
الصين لدعم فلسطين والشعب الفلسطيني، وإعلاء نهج الصين العاملة على تحرر الأمم
والشعوب والبلدان التي يحتلها الاستعمار الدولي و "يشفط" مقدراتها بدون
أي خجل، وخرق هذا الغرب للقوانين الدولية واستبعادها، نتقدم بجزيل الشكر وعميقه،
والتقدير الدائم للصين رئيساً ودولةً وشعباً لمواقفها التي تشد من أزر شعب فلسطين
المنكوب، ولكونها تأخذ بيده إلى فضاء مُنير لمستقبل متحرر وأفضل في ظلال
الاستقلالية التامة لفلسطين والأمة العربية التي ما تزال تعاني من عسف إمبرطوريات
الشر الاستعمارية، التي نتطلع إلى ذوبانها التدريجي، كما نشهد حالياً، بقوى الدول
الكبرى الحليفة وهي التي لا تحيد قيد أنملة عن مسارها لنفض غبار التسلط الغربي عن
أقطارنا وشعوبنا التي تنادي الصين لتوسيع رقعة العلاقات الثنائية والجماعية بين
بكين والعواصم العربية وعواصم الدول الإسلامية.
ـ مراجع:
1/
العربي الجديد،
العاشر من مايو/ أيار 2023م.
2/
فضائية روسيا
اليوم (العربية).
3/
تلفزيون الصين
(العربي): "سي سي تي في".
..//انتهى.//.