زفاف الى الجنة __________ غالب خزعل
تحملت كثيرا من اللوم والعتاب .لكنه لم يثن من عزيمتها لتحقيق ما تصبوا اليه . عتاب ولوم يشتد وكأنه سهام ورماح تشك في صدر مقاتل وطعن وضرب سيوف في كثير من هذا العتاب واللوم. فواحدة تقول لها صبرا حتى ينهي دراسته واخرى دعيه ليشتد عوده ويقدر على تحمل المسؤوليه كل اجاباتها جاءت بالرفض . لانها تعارض حلمها وفرحها التي تنتظره منذ وفاة ابيه ولم تكن اعلى الشهادات الجامعيه او اي من المناصب العليا تحقق طموحها اويثلج قلبها مثل زواج ولدها الوحيد نعم انه يقترب من بلوغه الحلم وتحقق رغبتها في زواجه ورغبة ابيه الذي تركه بغدر محموم وهو صغير.
أم جالسة لديها من الاولاد كثر رن في مسامعها نغمة الغدر وانتقلت عبر احاسيسها الى زمن عتيق طالت رجل مصلح له اولاد من نسوة تعددت وراحت ترمق النظر الى ذلك الصبي الولد الوحيد لزوجة ذاك الرجل الذي طالته يد الخسه حينما دس له السم بيد حفيدة أمرة نبي الله لوط عليه السلام فارتقى اعلى درجات الشهاده وصار سيدا لشباب اهل الجنه , تاركا وصيته لورثته بكلمات لنصرة الحق اينما وجدتموه .
فتشابهت في مخيلة تلك المرأه احدى نساء الرسول محمد صل الله عليه واله وسلم المخلصات اللواتي حفظن العهد ولم يخن الامانه مع أم هذا الصبي الذي كانت تنظر ان يكبر وتكبر معها أمنيتها وتشاهده مرتديا ثياب عرسه وتنتظره عروسته , لكن الوفاء بالعهد منها ومن ولدها الصبي حال دون تحقيق هذه الأمنيه في الدنيا . بعد ان تجمعت قوى الباطل على الحق الذي ظل وحيدا بلا ناصر . هنا وقفت تلك المرأة لتحفظ العهد وتؤدي الامانه في وصية زوجها لتزف وحيدها الى الدفاع عن الحق على الرغم من انه ثمنا غال لكنه يرخص للدفاع عن الحق مع رجل ورث الانبياء من ادم حتى النبي محمد صل الله عليه واله وسلم , مااحلى هذا الزفاف المبارك وماأجمل الزوجه التي تنتظر ابنها وما أهنأ العيش في قصر القصب الذي ليس فيه تعب ولانصب فرح غامر ملأ صدر الام وسعادة لاتوصف لان ولدها تزفه الملائكة بعد قليل . وهي ترسم قصر ولدها في الجنه وأعداد الحور العين وانهار اللبن والعسل المصفى والحدائق الغناء ايقظها صوت ولدها بعد ان رفض عمه ان ينزل الى ميدان البطوله لانه لايريد ان يفجع أمه ويكسر قلبها . وبحنان الام سألته لماذا عدت ياعزيز أمك ؟ عمي رفض ان انزل الى ميدان الحرب لطفا بك وترحما على حالك . فأخرجت من جيبها وصية ابيه وانطلقت مسرعة معه الى عمه وسلمت الوصية الى الامام الحسين عليه السلام . وكان تقلب وجوههم يحكي عن حوار دار بينهم وكأنها تجيب على سؤال افتراضي , كيف ترين فراق ولدك ؟ ان فارقني فأنه يلتحق بأبيه بالجنه فلاخوف عليه , واي أم ترفض حشود الملائكة تزف ولدها الى الجنه فتستقبله الحور العين وتردف وتقول لاتحرمني من فرحة زفاف ولدي .
ثم التفت الى ولدها وانت يابني كيف ترى الموت ؟ ياعم انه الذ من طعم العسل أن عرفت الحق وادافع عنه تحت لواءك ياعم اعطني الاذن كي اسرع لان ابي ينتظرني هناك . ثم قبل يدي أمه وتعانق مع عمه مودعهما محملهما السلام الى عمته زينب داعيا أمه الى الصبر حتى اللقاء فتقدم ونظرات أمه تلاحقه ويسر قلبها كلما صرع احد من العدو تقدم اليه للمبارزة تارة وتارة يهجم عليهم فيرون منه . نعم انه القاسم ابن الامام الحسن عليه السلام هكذا عرف نفسه وهو يصول بالميدان حتى اصيب بسهام الغدر ورماح المكر فأصطفت الملائكة لتزفه الى الجنه ليستقبله جده الاكبر الرسول محمد وعلي جده الاصغر . هم هكذا شيوخ وكهول وشباب وصبية رفضوا زينة الدنيا , فكان جزاءهم من الله نعيم الاخرة ..