• اخر الاخبار

    من يشري نفسه ؟!!..بقلم الصحفي غالب خزعل

    إستلقى على قفاه وراح يعدد ما يملك من بساتين وعقارات وسيارات وذهب  وفضة ودنانير وغيرها من التي لاتعد . وكلما لبى دعوة مع زوجه رآها تنوء بحمل الذهب الذي يزينها وتتفاخر به أمام كل من يراها من الأقارب والأصدقاء وقال في نفسه ماأظن أن تبيد هذه ونحن نقترب من نهاية العمر ولاأعتقد بمقدور أحد أن يسرقها مادام عليها حراس غلاظ أكرمهم فوق مايستحقون .
    سألته زوجه وهي تقدم له فنجان القهوة . بما تفكر يازوجي العزيز ؟
     في قصورنا وألاموال التي نملكها و و و و .. 
    صمتت الزوجة برهة نعم يازوجي إنها أملاك كثيرة وكبيرة . لكن عليك أن تتذكر صاحب الجنتين الذي أصبح يقلب كفيه على مافرط بنعمة المنعم عليه ! وتتذكر قارون الذي خسف الله به الأرض ! 
    وأيضا فرعون الذي غرق والنمرود وفي عصرنا الكثير الذين أصابهم الكبر وخر عليهم السقف !
    ها ولاتنسى الجيوش التي كانت تحرسهم !! 
    هل أدلك على تجارة لن تبور ؟!
    أحس بدفء نصيحتها وقال نعم أرشديني لهذه التجارة أنها نعم التجارة .
    قالت أولها شكر المنعم عليك وأخرها التضحية من أجله !!
    قالت لنشتري أنفسنا ونبني لنا بيتا في الجنة بهذه الأموال  كأسيا التي ضحت وطلبت من الله أن يبني لها بيتا بالجنة كما في قوله عز وجل {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }التحريم11.
    وما سمعت بقصة الشهيد البطل الذي أشترى له ولزوجه بيت بالجنة ليس فيه نصب ولاتعب .
     أتعرفين  عنه ؟
    ــ قالت نعم قبل أربعة عشر قرنا من الزمان أجتمع فيه أهل الباطل على أهل الحق الذين خرجوا لمضاجعهم وخرجت معهم  قافلة للتجارة وتلك القافلة الأولى من بيت الرسول الذي لبوا نداء أهل العراق لإقامة دولة العدل وتصحيح ماجاء به نبي الله محمد صل الله عليه واله وسلم  والأخرى عادت من التجارة التي كان فيها صحابي جليل ومعه زوجه وثلة من حراس وخدم القافلة وهذا الصحابي عزم على طلاق السيف والحرب معا منذ أن لبى رسول الله محمد صل الله عليه وأله نداء ربه ليبتعد عن الفتنة  وأنشغل بالتجارة لكنه موعود بالجنة وحاول أن يبتعد من القافلة الأولى لأنها كانت تعني له الحرب وهو لايريد العودة إلى القتل والقتال إلا الدفاع عن النفس إن احتدمت الأمور وتعاظمت أو تعرضت قافلته إلى عدوان , فإن سارت القافلة الأولى توقفت القافلة الثانية وإن توقفت القافلة الأولى سار هو ومن معه وهكذا بدى الأمر أول وهلة حتى انتصاف الطريق أو أكثر بقليل نحو كربلاء وما أن توقفت القافلة الثانية وهمت القافلة الأولى بالمسير وصل رسول يدعوه للقاء رئيس القافلة الأولى وفي البداية رفض الدعوة رفضا قاطعا ثم أردفت بالقول إن له زوجا صالحة تحبه وتريد له الخير أين ماحل وهو يعرفها تمام المعرفة بهذا الشأن .
    تبسم وقال لها كما أنت ياعزيزتي تفكرين بالآخرة وتفرحين بمنازلها ولاتفرحين بالذهب والفضة .
    قالت أدعو الله أن نكون مثل تلك العائلة ثم أكملت حديثها وكأنها لسان حال تلك الزوجة الصالحة حين قالت لزوجها قم وأجب الرسول أنه من المعيب عدم أجابة الدعوة وهو ليس شخصا عاديا إنه أبن رسول الله أجيبه وعندما تصل أليه تعذر بتجارتك بزوجك وبكبر سنك أعذار كثيرة أمامك وعسى الله أن يلهمك خيرا بدل هذه المعاذير وبعد أن صمت وأغمض عينيه هب مسرعا وقال لزوجته أعطني سيفي ودرعي سأذهب وألتقي بأبن بنت رسول الله لكن بوجه غاضب وانطلق مسرعا ولم يمض وقت طويل حتى عاد مستبشرا وقالها أنت حل مني وكل هذه الأملاك هي لك بابتسامتها 
    قالت ما الخبر ؟
    قال : قررت الالتحاق مع الإمام الحسين عليه السلام 
    قالت : كيف قبل قليل كنت ترفض القتال ؟
    نعم أنا أرفض القتال إلا مع الإمام الحسين عليه السلام فقد ذكرني ببشارة جده محمد بن عبدالله صل الله عليه واله وسلم ووعدني بالجنة .
    إذن أذهب معك .
    لا ياعزيزتي أنا يعز علي أن أقول لك أنت طالق وأريد منك أن ترجعي بالأموال وتعيشين بسلام .
    لا .. مافائدة الأموال والسلام الذي أنت ليس معي فيه أنا أحب مرافقتك في الدنيا والآخرة ولابد لي من مواساة سيدتنا زينب عليها السلام .
    فحدثت نفسها قليلا مادام طلقني أنا ألان حرة يمكنني إلحاق به وأوسي عقيلة الهاشميين . فودعها زهير بن لقين  وأنغمس في جند الحق فكان كمن اشترى نفسه في الدفاع عن الحق وكلمة الحق وجسد الآية الكريمة حق تجسيدها  {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ }البقرة207 هكذا أشترى الآخرة ورضا الله سبحانه وتعالى بأمواله ونفسه وصحب زوجه إلى بيت من قصب بالجنة ليس فيه تعب ولانصب فرضوان الله على زهير وزوجه حتى قيام الساعة وعلى شهداء الذين شروا أنفسهم وهم أحياء عند الله وفي نفوس الناس  خالدا ذكراهم ..
    ad728