جنون العقل
الصحفي غالب خزعل
لم يعجبه تصرف صاحبه بسبب الغلظة التي شابته .
قال : لم أعهدك عصبيا إلى هذا الحد الذي يخرجك من كياستك .
رد عليه لقد أجنني ولم أعد أملك أعصابي فأنفلت وسأعتذر منه .
أتعرف جنون العقل أذا جن ؟
ضحك بقهقهة وقال لو كان الجنون يعرف العقل لما وصفوا الإنسان بالمجنون إذا فقد عقله .
ياسيدي ليس كل مجنون , مجنون إنما المجنون العاشق المحب في الله ورسوله وأهل بيته نعم هذا هو جنون العقل .
قال ألان بدأت الفلسفة وأنا لا أفهم بالفلسفة أطلاقا أو أعدها كلاما بلا فعل , ككثير من الأمراء يقولون مالا يفعلون .
نعم أنت تقول الحقيقة , لكن لو راجعت معي دفاترك ودفاتري القديمة , لوجدت مجنونا عاقلا بجنونه ميز طريق الهدى من طريق الضلالة وعندما تفتح دفترك القديم فتش في صفحة إلف وأربعمائة عام مرت والوقوف عند معركة الطف .
كأنك تقصد جون .
نعم جون الذي صيره الجنون عاشقا ذائبا في طاعة الله وإعلاء كلمته فتقدم إلى ساحة القتال لم يرتد درعا ولا قميصا فأصابه الجنون عندما رأى قلة الناصر مع الإمام الحسين عليه السلام , فهرع الى الإمام ليطلب منه الإذن بالنزول إلى ساحة المعركة متوسلا به إذ قال له ( الإمام ياجون أنك لحقت بنا لطلب العافية ) إي حتى تعيش لا أن تموت .
فيعود ويتوسل بالإمام ليتنفس عليه بالجنة ياسيدي وطيب ريحي وبيض وجهي .. أريت مجنونا عاقلا لاينزل إلى القتال حتى يؤذن له , وسمعت بمجنون يطلب الجنة وبياض وجهه ويقول للإمام أنا في وقت الرخاء الحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم فهذا جنون العقل ياصديقي .
لقد فتقت الدموع شوقا للمزيد ومزقت الضلوع حبا لهذا المجنون العاقل .
ياصديقي عندما نزل جون إلى ساحة المعركة ظنه الأعداء أنه جاء للاستسلام ليبقى حيا ويعيش وهم يرونه جرد ثيابه وتقدم نحوهم بلا سيف ودرع حتى عرفهم بنفسه سبب نزوله إلى ساحة القتال ليريهم العشق الإلهي لحب الإمام الحسين عليه السلام ومن أجل التضحية من أجل أعلاء كلمة الله التي يحمل لوائها الإمام . فقاتل بعقل ولم يسلم نفسه للقتل بل بدأ يصارع الإبطال ويصرعهم بحركات بهلوانية ويستولي على مايحملونه من دروع وسيوف ونبل ورماح ولم يقاتل بها وهو يزداد إصرارا على التقدم ولم يلتف إلى الوراء مما طمع العدو فيه وخر جون شهيدا صريعا مناديا السلام عليك يا اباعبدالله أشهد لي عند جدك بالموفاة لله ولك واحتسبني عند الله .
بعد أن كفكف دموعهما سأل من أين عرف جون كل هذا ؟
والدموع تنزل من المتحدث أن من يعيش في بيت النبوة يتكهرب بثباتهم في الإيمان بالله المعزز بالصبر والعلم والتضحية بكل شيء المال والبنون وبذل حتى النفس في سبيل طاعة الله. إذ أستخلص الله لنفسه الرسول محمد وأهل بيته بعد (أن اختار الله جزيل ماعنده من النعيم المقيم لهم الذي لازوال لهم ولا أضمحلال , وبعد أن شرط عليهم الزهد في هذه الدنيا الدنية وبعد أن علم منهم الوفاء فقبلهم وقربهم وقدم لهم الذكر العلي * ) لذلك الذي يعيش معهم يأخذ من الشرط ويعطى من الجزاء ويعيش معهم حياة العز في الدنيا والاخرة فهنيئا لجون الذي طيب ريحه بالجنة وبيض وجه في الدنيا والاخرة وهنيئا له في وفد الرحمن الذين قال عنهم {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً }مريم85 ..