الدعاء واللجوء إلى الله
المحامي د.علاء صابر الموسوي.
ما من شيء إلا وله حد ينتهي إليه ، إلا الذكر ، فليس له حد ينتهي إليه ، فرض الله تعالى الفرائض فمن اداهن فهو حدهن ، وشهر رمضان فمن صامه فهو حده ، والحج فمن حج فهو حده ، إلا الذكر فأن الله تعالى لم يرض منه بالقليل ، ولم يجعل له حداً ينتهي إليه ، ثم تلا قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بُكرو وأصيلا ) .
وإذن فذكر الله سبحانه لا حد لمقداره ، ولا حصر لكيفياته .
ومن أحد طرق التعبير هو الدعاء واللجوء إلى الله : ( الذين إذا إصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون * أُولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) ، ( فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) .
ما من عبد مؤمن اصيب بمصيبة فقال كما أمره الله تعالى:(إنا لله وإنا اليه راجعون) اللهم آجرني في مصيبتي ، واعقبني خيراً منها إلا فعل الله ذلك به .
ما من مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع :(يقول : إنا لله وإنا اليه راجعون) عند مصيبته ، حين تفاجأه المصيبة ، إلا غفر الله له مامضى من ذنوبه ، إلا الكبائر التي أوجب الله عليها النار .
ومن مظاهر ذكر الله سبحانه ، والاحساس الدائم بوجوده ، هو لجوء العبد إلى الله في كل حين وفي كل مصيبة تصيبه ، وفي كل شدة تحيق به ، فالذي تحل به محنة ، أو تصيبه مصيبة أو شدة ، فيصبر ، ويتجه إلى الله فيدعوه ويطلب منه العون والفرج لعلمه أنه هو مالك الأمر ، وهو قادر على كشف الضر ، وهو معه في الشدة والرخاء وفي العسر واليسر ، فيقول : ( إنا لله وإنا اليه راجعون) ، مجسدا في وعيه هذه الحقيقة ، إنما يتذكر حقيقة العلاقة بينه وبين الله ، وهي : أن الإنسان عبد مملوك لله ، وأنه جزء من خلق الله ، وأن الله يقضي ويقدر في عالم الإنسان ما يشاء ، وان قدره وقضاءه حكمة وعدل ، لذلك فهو يرضى بهذا التذكر بما حل به ، فيكون بذلك من الذاكرين الذين لا ينسون الله ، ولا ينفصلون عنه بأية حال من الأحوال ، لأنه علة هذا الوجود الإنساني ، وغايته الكبرى ، لذلك ربط القرآن بين الصبر والتسبيح بحمد الله بقوله :
(فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) .
لذلك اعتبر اللجوء إلى الله وتذكره في المحن والشدائد هدىً وتلمساً لطريق الصواب ، واكتشافاً لحقيقة الوجود الإنساني ، فهؤلاء المهتدون هم الذين يذكرون الله على كل حال ، وهم الذين يستحقون الرحمة والتحنن والبركات والمغفرة :
( الذين إذا إصابتهم مُصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون * أُولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) .
وبذلك يكون الذكر هو التعبير عن دوام الرابطة بين الله والإنسان في كل آن من آنات الوجود .