صرخة من رحم التاريخ
قصيدة للكاتبة الشاعرة/ثائرة اكرم العكيدي
شِراع من خِيوط الشَمسْ
وشعباً غَالبَ القارات الخمسْ
َوَوطناً تَربع على عَرشِ الأَمسْ
واليوم أَرهَقتْ خُيولَهُ الكِلابُ الرعناءُ
يابلاداً فصولها خضراءُ
مِن رافديهِ
أَرضَعت الحرائِر أبنائَها
فَزادَها الملِحُ والماءُ
على سِفوح جبالهِ
تَغزلت أصابعُ الراعي بآنين الناي
وَتغنى به العشاقُ والشعراءُ
ياوطني ماقَصَاك إلا الغُرباءُ
واحتَمت بين غَيماتكَ
فُرسانٌ وملوكٌ وخيولاً شهباءُ
وارتَوى من رافديكَ
غربانُ ونَوارس
خَليلٌ وقريبٌ صديقٌ واعداءُ
زادُنا للمكارم خُبزةٌ سمراءُ
يا سَعفةً خَواصُها خَضراءُ
زَادُنا للوافدينَ
حَبّاتُ قَمْحٍ
تَنْحَني للبصرةِ الفيحاءُ
زادنا لِلبيَارق
ساحةُ التحرير
وكَوكَبتَ الشهداءُ
إن مُتنا نَموت شُموخاً
كَالنّخِيلِ تَعشقهُ السَماءُ
أَوجاعَنا
في حَضرتِ الأَحزانِ تَتسامر
فَمثلنا لايقبلُ العزاءُ
مِن كرامةِ الأحرار
نَصْنَعُ الزَهوَه
فَوالدُنا عليٌّ
وأُمَنا الزهراءُ
ضَحِكاتِنا زَغاليل الحَمام
وأَحلاما يَتسول بِها الفُقراءُ
أَعيادُنا لٌلخاشعينَ مِأذنةٌ
وَمَراجيحُنا شُموسٌ، وكبرياءُ
أمسَيتُ وَحدي
أُواسي الثُكالى
وَمن مِثلي شَابهَتها النِساءُ
أَتيتُ مِن رَحِمِ الأَحزانِ
أصلبُ مَرارةَ اليأس
فَلا كَرامةَ لٌي مَع الجُبناءُ
مٌن أَرضٌ الرافدينِ
وِلدَ الرِجالُ
وزَغْرَدَتْ... فِي مَخاضِهِنَّ العذراءُ
أَمسَيتُ وَحدي
والمَسافاتُ تَلاشت
بَين بَغداد والموصل الحدباءُ
نَزحنا وإِغتربنا
فَرقتنا السِنينَ والأَهواءُ
عَفوا مِنكَ ياموطني
نَحنُ مَن سَمح أَن يَتلاعب بِكَ الدُخلاءُ
قَلبي اليومَ للزائرينَ مَرقداً
يَطوفُ في حَضرتِهِ النُجَباءُ
وَجَعي لِلشامتينَ فِكرَةٌ خَرساءُ
قَطرةُ العَرقِ سَقطت مِن جَبينِ جَدي
على أَرضٍ من زَمانِ الخَيرِ ظمأؤُ
يابلاداً سَمائُها صفراءُ
مِلحنا للزمان أَبيض كَالثلجِ
لَم يُغزِر في أَقوامٍ ذليلةً هوجاءُ
ياوطناً ذاب في فقره البؤساءُ
ايتاماً واراملَ
ياكلونَ القمامةَ
في وطن غط به الثراءُ
شبابٌ على أرصفةِ الموت تُعساءُ
هذا العراقيُّ غيرةٌ من حسينٍ
في وطنٍ قِبلتهُ كَربلاءً
طَرزنا النُجومَ على أَكتافِ قادتنا
نَعم نَحنُ مَن صَنع الزُعماءُ
مُفْرِطٌ في الكَرمِ شَعبي
يُحبونَ حتى لِمن لَهم أَساؤوا...
يَا بِلادي...
كَمْ يأكُلُ الموت أَطفالنا
والربوعُ كَم خَضبتها الدماءُ
فَوق أَكتافٌ السّماءِ...
نَصبنا الجَنائِزَ
نُفجع ونُفارق
فَكم من مِثُلُنا خنساءُ...