• اخر الاخبار

    المفهوم الاسلامي في الملبس والأناقة!!!

    الدكتورة خالدة الزهيري ....

    اللباس هو الاحتياط الواقي الذي يحافظ على استقامة الجسم ، وحماية التعادل بينه وبين ظروف الطبيعة المحيطة به ، لذلك فالإنسان يلجأ إلى اللباس قيغطي جسده ليحفظه من تلك المؤثرات الطبيعية ، والعوامل المؤثرة عليه .

    بالإضافة إلى هذه المهمة الصحية والجسمية للباس ، فإن له مهمة أخرى وهي مهمة الزينة والجمال ، وستر عورة البدن ، وقبح العري الذي يظهر به الإنسان ، وقد اهتم الاسلام باللباس واعتنى بحسن المظهر ، وبالحفاظ على الأناقة والجمال عناية فائقة ، ولم يهمل القرآن الكريم هذا الجانب من مستلزمات الحياة ، وضرورات الجسد وأشواق النفس إلى الزينة والجمال ، بل أكد على إقرارها والاعتراف للإنسان بحق ممارستها ، وعد تلك المتع نعمة من نعم الله تعالى .

    ( يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم ) .
    ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ) .
    ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ) .
    ( وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ) ...

    وهكذا أوضح القرآن راي الدين في الزينة والجمال ، وربط بين المتع الجمالية وبين مفاهيم العقيدة والإيمان ، ليؤكد أن مايتمتع به الإنسان من مظاهر الزينة والجمال إن هو إلا نعمة من نعم الله سبحانه ، توحي للنفس بالرضى والسرور ، وتبعث فيها الحب والمتعة والأشراق ، عن طريق الشعور العميق الصافي ، والتقويم المتعالي للمعاني والقيم الجمالية داخل إطار الذات البشرية ، وعلى أساس من وعيها لهذه القيم والموضوعات ، ولا غرابة في موقف القرآن هذا ، فإحساس الإنسان بالجمال واندفاعه نحوه ، شعور فطري ينبع من إحساس النفس ، وتوجهها الفطري نحو الكمال ، ومن بحثها عن الإحساس بالرضى والسرور.

      كذلك موضوعات الجمال وقيمها لايقف متحجرا عند حد الإحساس المادي والغرض الانفعالي العابر ، بل يتعدى كل ذلك ليوقظ في النفس جذوة الإشراق الروحي ، والإحساس الوجداني الذي يسحب النفس من ركودها المادي واحساسها البهيمي المتواضع ، إلى عالمها العلوي وتوجهها الأخلاقي ، فيكون هذا الإحساس وسيلة من وسائل النمو الروحي والتكامل النفسي والأخلاقي ، لذلك  بجعل المسلم في  الاستمتاع بطيبات الحياة سبيلا إلى ربط الإنسان بخالقه ، فالإنسان قادر على أن يعي تلك الحقائق حينما يعيش إحساسا يقظا بالقيم والموضوعات الجمالية ، من لباس وأناقة وحسن المظهر ،  وحينما ينعكس هذا الإحساس على ذاته الباطنة ، فتتفاعل معه ، وتندمج لتكون صورة حية للحس والذوق والجمال ، فيرى هذا الحس سلوكا ومواقف إنسانية تترفع عن الممارسات والمواقف الشريرة الشوهاء التي تمسخ روح الجمال ، وتكرس صورة القبح والنفور ، وروي في الحديث ( إن الله جميل يحب الجمال ، ويحب أن يرى اثر نعمته على عبده ) وكذلك ( إظهار النعمة أحب الى الله من صيانتها ، فاياك أن تتزين إلا في احسن زي قومك ) ...
    اذا الاسلام يحث الإنسان والمجتمع على الزينة والجمال ، ليستشعر شفافية الوجود ، وروح الجمال التكويني والإبداع الإلهي الذي ملك عليهم قلوبهم ، ويشدها متجهة نحو الحقيقة الجمالية الكبرى القائمة في الصفات الإلهية المقدسة فتغمرهم السعادة ، والحب الإلهي ، ويزداد تذكرهم لنعم الله وشكرهم له .
    ad728